إنّ الفواحش التي يرتكبها الظالمون في الدنيا تتجسد في صورة نيران ملتهبة وعقارب وحيات. أرأيت الذي يصنع القنبلة النووية بيده ثم يفجّر نفسه والبلاد كيف أنّه حين يصنعها لا يتصور بسهولة هول عذابها ، كذلك المجرمون حين يزنون أو يغتابون أو يأكلون أموالهم بينهم بالباطل أو يؤيّدون الطاغوت لا يتصوّرون أيّ عذاب شديد يكتسبونه ويعدونه لأنفسهم في يوم القيامة.
[٢٥] وكما هو في الآخرة كذلك في الدنيا ، فمن بنى السدّ وطغى به عذّب به ، كما أنهار سد مأرب ، ومن عبد الحجارة ، أو اتخذ من الجبال أكنانا عذّب بها كما عاد وثمود ، ومن عبد الماء أغرق فيه كقوم فرعون.
(كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ)
فمن كذّب بآيات الله وصدف عنها أتاه العذاب من حيث لا يشعر ، وعلينا أن نراجع قصص القرآن كيف عذب الله الأقوام ، فهل كان يتصور فرعون أنّ موسى (ع) الذي ربّاه في بيته يكون فناء ملكه على يديه؟! كلّا ... وهل كان يعلم فرعون وملؤه الذين عبدوا الماء ، فكانوا يرمون في النيل بأجمل فتياتهم لإرضائه ، وكان فرعون يفتخر بالأنهار التي تجري من تحته ، وكانت حضارتهم قائمة عليه ، هل كانوا يعلمون بأنّهم سوف يغرقون في معبودهم وأساس تحضّرهم. إنّ الذي يكذّب بآيات الله يكون هلاكه بالقوة التي يعتمد عليها (يعبدها).
[٢٦] (فَأَذاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا)
لأنّهم كانوا يستكبرون ، ولا يعترفون بشيء غرورا ، والآن يجب أن يلاحقهم الخزي والعار ، هذا في الدنيا ...
(وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ)