يهديه الله للإسلام ، فيعترف بوجود الحق ، بعكس القلب القاسي المنغلق على ذاته ، الذي لا يعترف إلّا بما يعيش داخله ، فهو يتمحور حول ذاته.
وفي هذا الدرس يعرض القرآن مفارقة بين من جاء بالصدق وصدق به ، ومن يكذب على الله ويكذب بالحق ويدّعي الأنداد لله ، وبعد ذلك يعلن الله كفايته لرسوله رغم تخويف المشركين له بالذين من دونه ، وأنهم لن يستطيعوا إضلال من هداه الله ، ولا يستطيع الذين من دونه كشف الضر عنّا أو منع الخير.
بينات من الآيات :
[٣٠] من أبرز وأخطر مصيبات البشر انغلاق قلبه عن حقائق الخليقة ، وإيمانه بمقاييس ذاتية ، يقيم بها الأحداث والأشخاص من حوله ، فكيف يتخلّص الإنسان من هذه المصيبة التي تعمّ سائر أبناء آدم ، وتعبير آخر كيف يتقي الإنسان شحّ ذاته ، ويخرج من زنزانة نفسه الضيقة إلى رحاب الحق؟
لا ريب أنّ وعي الموت والنشور ثم الوقوف أمام محكمة الحق أقرب السبل للخلاص من هذه البلية ، ذلك أنّ اعتقاد الإنسان بوجود مقاييس موضوعية ثابتة عند الله ، وأنّه سوف يعرض عليها بأفكاره وأقواله وأعماله ، وسوف يحاكم وفق تلك المقاييس شاء أم أبى ، كل ذلك يعيده إلى رشده ، وينمّي عقله على حساب هواه ، ويجعله يبحث عن تلك المقاييس اليوم وقبل فوات الأوان.
هكذا يدعونا الإيمان بالبعث إلى الإيمان بكلّ الحقائق ، وهو كما أسلفنا حجر الزاوية في بناء صرح المعرفة عند الإنسان ، وقبل الإيمان بالبعث لا بد من وعي الموت.
(إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ)