فإذا مات الرسول (ص) رغم عظمته وجلال مقامه فهل يبقى أحد منّا؟! قال تعالى : (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) (١)
ويبدو لي أنّ الخطاب ليس خاصا برسول الله (ص) فكل من يقرأ القرآن معني بهذا الخطاب ، لأنّ القرآن نزل على لغة (إياك أعني واسمعي يا جارة).
هكذا تبعث هذه الآية في أنفسنا يقظة ، وفي أعصابنا رعشة ، وفي عقولنا إثارة ، وفي أفئدتنا سكينة ، فأيّ هيبة عظيمة للموت ، هذا الباب الذي لا يعود منه من دخله ، ولا ينجو منه من هرب منه ، وأين يذهب أعزتنا الذين نحملهم كل يوم إلى المقابر مرغومين ، ونقف عند أجداثهم مرهوبين ، ويهمس في آذاننا داعية الحق آنئذ قائلا :
وإذا حملت إلى القبور جنازة |
|
فاعلم بأنّك بعدها محمول ... |
ويقول الإمام علي (عليه السلام) :
«لو رأى العبد أجله وسرعته إليه لأبغض الأمل وترك طلب الدنيا» (٢)
[٣١] وهل تنتهي المشكلة عند الموت؟ كلّا ...
(ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ)
فخلافاتكم في الدنيا تنتقل إلى الآخرة ، وربّنا سبحانه هو الحكم يومئذ ، والموازين والقوانين يومئذ غيرها في الدنيا ، وعلينا أن نبحث عنها وأن نطبّق حياتنا
__________________
(١) الأنبياء / (٣٤).
(٢) نور الثقلين / ج (٤) ص (٤٨٩).