وفقها إن أردنا الحياة.
[٣٢] ومحور المعايير هنالك الصدق ، وأظلم الناس لنفسه من كذب على الله وكذّب بالصدق ، ولكن كيف يكذب على الله؟
يزعم الإنسان حينما يقسو قلبه ، وينغلق عن الحقائق ، بأنّ ذاته هي الحق ، ويكون مثله مثل ذلك الذي سئل : أين مركز الدنيا؟ فقال : حيث يقف حماري ، لقد كان يزعم هو والكثير من أمثاله بأنّهم مركز الحياة ، فالعالم يبدأ من حيث هم ، وليس من حيث هي ، ويتصورون أنّ الحقّ ما يرونه ، والباطل ما يرفضونه ، وهذا هو الكذب على الله ، وحين يعرفون دين الله تراهم تبعا لهذه الحالة النفسية يحقّون الباطل ويبطلون الحق ، وهكذا يكذبون على الله افتراء عليه.
(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ)
وبيان الرسول لهذه الحقيقة شاهد على صدقه ، إذ من يكذب على الله يهوّن على نفسه هذا الذنب ثم يرتكبه ، بينما نرى الرسول بالعكس تماما يبيّن مدى جريمة الكذب على الله.
وكثير من الناس يمارسون الكذب على الله وهم لا يشعرون ، وذلك حين يقولون : هذا حلال وهذا حرام ، دون سلطان من الله أتاهم.
وجرم الكاذب على الله عظيم ، ولا يعادله إلّا تكذيب الصدق الذي يجيء من عند الله ، إذ الإنسان مسئول عن معرفة الصدق والتصديق به ، ولا يجوز أن ينطوي على نفسه ويقول : من أين نعرف صدق هذا الداعية؟
(وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ)