[٣٥] ويبقى المتقون خائفين من سيئاتهم التي إن بقيت أكلت جانبا من حسناتهم ، ولكنّ الله يطمئنهم حين يعدهم بغفرانها :
(لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا)
إذا كان الخط العام للإنسان في الحياة سليما فإنّ هفواته تغتفر له ، كما لو كانت إستراتيجية القائد سليمة فإنّ أخطاءه التكتيكية لا تؤثر عليه ، بعكس ما إذا كانت استراتيجيته خاطئة فإنّ صواب خططه المرحلية لا ينفعه شيئا.
وهكذا إذا كان الخط العام لحياة شخص سليما ، فتولّى الله ورسوله وأولي الأمر حقا ، ونهض بواجباته في التحصّن ضد الانحرافات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، فلم ينصر ظالما ، ولا خذل مظلوما ، ولا أكل أموال الناس بالباطل ، ولا أدلى بها إلى الحكام ، وبالتالي اجتنب فواحش الذنوب ، ثم ارتكب اللمم وهي الصغائر ، أو حتى الكبائر بلا جحود ولا إصرار ، ثم تاب إلى ربّه متابا فإنّه ترجى له مغفرة الله.
أمّا من كان خطّه العام منحرفا فكان وليّا لأعداء الله ، معينا للظلمة على عباد الله ، فإنّ كثرة صلاته وصومه لا تنفعه ، كذلك لو عاش على الحرام حتى نبت لحمه وعظمه منه.
ولعلّ المعيار الأساسي في ذلك ألّا تكون السيئة الصادرة من منطلق سيء ، إذ قد يرتكب المرء ذنبا ولكنّ قلبه لا يزال مطمئنا بالإيمان فيمكن تدارك الأمر ، ولكنّ الذي يرتكب الموبقات وهو جاحد بربوبية الربّ ، مستحلّ للمحرمات ، فإنّ توبته الى الله بعيدة.
وتشجيعا لحالة الإحسان في الأمة ألغى الإسلام الضمان عن المحسنين الذين