قالوا : القنوط بذاته هو اليأس من الرحمة ، فلما أضيف إلى الكلمة : «من رحمة الله» كان تأكيدا للأمر.
(إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً)
كل الذنوب بلا استثناء ، وإذا كان في آيات الرجاء في القرآن بعض الاستثناء فإنّ كلمة «جميعا» هنا بعد كلمة «الذنوب» التي هي أصلا للعموم ، تزيد الجملة سعة ، مما يشمل الكبائر كالزنا ، والغيبة ، أو القتل وخدمة الظالمين ، وأظن الآية تعني بالخصوص الذنوب القلبية ، التي تقترب من الشرك بالله ، وانعدام الخلوص في الدين ، مما سيقت في آيات هذه السورة.
وفي الحديث عن رسول الله (ص) أنّه قال :
«ما أحبّ أنّ لي الدنيا وما فيها بهذه الآية» (١)
وقال أمير المؤمنين (ع) وهو يؤكد التفسير المتقدم للآية :
«ما في القرآن آية أوسع من (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا) ... الآية» (٢)
وفي نهاية الآية نفسها نجد تأكيدا على رحمة الله ، ودليل على سعتها وشمولها إذ يقول تعالى :
(إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)
وقد تأكدت رحمة الله في هذه الآية ثلاث مرات :
__________________
(١) مجمع البيان / ج (١) ص (٥٠٣).
(٢) المصدر.