يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌ)(١) و (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا)(٢) وقرأ آخرون الأحرف الثلاثة بالفتح ، وممن قرأ كذلك حمزة ، وكان الكسائي يقرأ الذي في الأعراف وحم السجدة بالضم ، ويفتح الذي في النحل لوضوح دلالته على الميل بقوله «إليه» فكان «إلى» أخص بالدلالة إلى معنى الميل من «في» وقد يكون ما اختاره الكسائي بعيدا في تفريقه بين اللفظين إلى الجمع بين اللغتين ، كما قال الله عزوجل : (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً)(٣) ، وقد كان الكسائي يفعل هذا كثيرا ، من ذلك ما روي عنه من اختياره في قراءة : (لَمْ يَطْمِثْهُنَ)(٤) ضم عين الفعل في أحد الموضعين وكسرها في الآخر ، والذي اختاره من القراءة على لغة من يقول : «لحد» في موضع وعلى لغة من يقول : «ألحد» في غيره حسن جميل عندي. وقول الراعي :
وقد كان مات الجود حتى نشرته
اللغة الصحيحة : أنشر الله الميت ، فنشر هو ، ونشره فهو منشور لغة قد قرئ بها. وقد مضى من شرح هذا فيما تقدم من مجالسنا هذه ما نكتفي به ونستغني عن إعادته.
وقوله : ولا بلّ من سقم (٥) ، يقال : بلّ الرجل من مرضه ، وأبلّ واستبلّ إذا برأ وصحّ.
قال الشاعر (٦) :
إذا بلّ من داء به ، ظنّ أنّه |
|
نجا ، وبه الداء الذي هو قاتله |
وقال الأعشى (٧) :
وكأنها (٨) محموم خي ... |
|
بر ، بلّ من أوصابها |
__________________
(١) سورة النحل ، الآية : ١٠٣.
(٢) سورة فصلت ، الآية : ٤٠.
(٣) سورة الطارق ، الآية : ١٧.
(٤) سورة الرحمن ، الآية : ٥٦.
(٥) على رواية الجليس الصالح ، وقد مرّت فيما استدركت من عجز البيت رواية الديوان.
(٦) البيت في اللسان «بلل» بدون نسبة وباختلاف روايته.
(٧) البيت في ديوان الأعشى ط بيروت ص ١٨.
(٨) الأصل : «وكأنها وكأنه وكأنها» كذا ، والمثبت عن الديوان.