يحيى المنقري ، نا الأصمعي ، قال : ثم ولّى عبد الملك بن مروان بعد قتل مصعب ـ يعني البصرة ـ خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد الأموي ، ثم عزله وولّى بشر بن مروان.
أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله ـ إذنا ومناولة ، وقرأ عليّ إسناده ـ أنا محمّد بن الحسين ، أنا أبو الفرج المعافى بن زكريا (١) ، نا محمّد بن الحسن بن دريد ، أنا أبو حاتم ، عن الأصمعي ، قال : قدم الراعي على خالد بن عبد الله بن أسيد ، ومعه ابن له فمات ابنه بالمدينة ، فلما دخل على خالد سأله عنه فقال : مات بعد ما زوجته وأصدقت عنه ، فأمر له بدية ابنه وصداقه فقال الراعي (٢) :
وديت ابن راعي الإبل إذ حان يومه |
|
وشقّ له قبرا بأرضك لاحد |
وقد كان مات الجود حتى نشرته |
|
وأذكيت نار الجود والجود خامد |
فلا حملت أنثى ولا آب آئب |
|
[ولا ولدت أنثى إذا مات خالد](٣) |
قال أبو الفرج : قول الراعي : «وديت ابن راعي الإبل» : أراد أدّيت ديته ، يقال : وديت القتيل إذا أدّيت ديته إلى أهله ، ووديت عن الرجل إذا تحمّلت عنه دية لزمته ، وأديت عنه من مالك دية جنايته ، وقيل إن هذا مما عايا (٤) به الكسائي محمّد بن الحسن فلم يعرف الفرق بينهما ، وأما قوله : وشقّ له قبرا بأرضك لاحد : فإن وجه الكلام في هذا أن يقال : شقّ شاقّ ولحد لاحد ، ويقال : ألحد ملحد وذلك أن الشق ما كان من الحفر في وسط القبر ، واللحد ما كان في جانبه بيّن هذا قول النبي صلىاللهعليهوسلم «اللحد لنا والشق ما كان لغيرنا» ولكنه لما كان اللحد شقا قد ميل به عن الوسط إلى الجانب قال : وشقّ له ، وأصل اللحد مأخوذ من الميل يقال فيه : لحد وألحد في الدين وغيره [من الميل](٥) ، وقد قرئ باللغتين في القرآن فقرأ الجمهور : (وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ)(٦) و (لِسانُ الَّذِي
__________________
(١) الخبر في الجليس الصالح الكافي ٤ / ٨٤.
(٢) الأبيات في الجليس الصالح ، وديوان الراعي ط بيروت ص ٧٣.
(٣) عجزه بالأصل مكانه بياض ، والمستدرك بين معكوفتين زيادة عن الديوان. وعجزه في الجليس الصالح : ولا بلّ ذو سقم إذا مات خالد.
(٤) المعاياة أن تأتي بكلام لا يهتدى له. ويعني أنه أعجزه به.
(٥) زيادة عن الجليس الصالح.
(٦) سورة الأعراف ، الآية : ١٨٠.