وذكر أبو بكر البلاذري هذه القصة أتم من هذا ، فقال : وأمّا خالد بن المطرف فكان نبيلا ، وفد إلى يزيد بن عبد الملك فخطب إليه يزيد أخته ، فقال له : إن عبد الله بن عمرو بن عثمان أبي قد سنّ لنسائه عشرين ألف دينار فإن أعطيتنيها وإلّا لم أزوجك ، فقال له يزيد : أوما ترانا أكفأ إلّا بالمال؟ قال : بلى ، والله إنكم لبنو عمّنا قال : إني لأظنك لو خطب إليك رجل من قريش لزوجته بأقل مما ذكرت من المال ، قال : أي لعمري لأنها تكون عنده مالكة مملكة وهي عندكم مملوكة مقهورة ، وأبى أن يزوّجه فأمر أن يحمل على بعير ثم ينخس به إلى المدينة ، وكتب إلى الضحاك (١) بن قيس الفهري ، وهو عامله على المدينة ، أن وكلّ بخالد من يأخذه بيده في كل يوم وينطلق به إلى شيبة بن نصاح المقرئ ليقرأ عليه القرآن ، فإنه من الجاهلين ، فأتى به شيبة فقيل له : يقول لك أمير المؤمنين علّمه القرآن فإنه من الجاهلين ، فقال شيبة حين قرأ عليه : ما رأيت أحدا قط أقرأ للقرآن منه ، وأن الذي جهّله لأجهل منه ثم كتب يزيد إلى عامله : بلغني أن خالد يجيء ويذهب في سكك المدينة ، فمرّ بعض من معك أن يبطش به ، فضربوه حتى مرض ومات ، وله عقب بالمدينة ، كذا وقع في هذه الحكاية (٢).
ووالي المدينة ليزيد بن عبد الملك هو عبد الرّحمن بن الضحاك بن قيس ، فأما الضحاك فإنه قتل يوم المرج قبل أن يولد يزيد بن عبد الملك بلا خلاف.
وذكر المدائني : أن يزيد بن عبد الملك خطب إلى خالد بنت أخ له ، فقال : أما يكفيه أن سعدة عنده حتى يخطب إليّ بنات أخي ، وبلغ يزيد فغضب ، فقدم عليه خالد يسترضيه وسعدة هي أم سعيد بنت عبد الله أخت خالد بن عبد الله ، وذكر غير هؤلاء أن خالدا بقي حتى وفد على هشام بن عبد الملك.
أنبأنا أبو نصر الحسن بن محمّد بن إبراهيم اليونارتي ، أنا المبارك بن عبد الجبار بن أحمد ـ قراءة عليه ـ أنا أبو بكر عبد الباقي بن عبد الكريم بن عمر الشيرازي ، أنا أبو الحسين عبد الرّحمن بن عمر بن حمة الخلّال ، أنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة ، نا جدي يعقوب ، حدّثني سليمان بن منصور بن أبي شيخ ، نا أحمد بن بشير ، عن الكلبي ، قال : قدم على هشام بن عبد الملك عبد الله بن حسن بن
__________________
(١) كذا بالأصل وم.
(٢) انظر الوافي بالوفيات ١٣ / ٢٥٧ نقل الحكاية باختصار.