شبّة ، نا أبو غسان المدني ، قال : أجرى عبد الله بن يزيد بن معاوية الخيل مع الوليد بن عبد الملك فسبقه عبد الله ، فدخل الوليد على خيل عبد الله فعقرها ، فجاء عبد الله خالدا أخاه فقال : ألم تر أني سابقت الوليد فسبقته فعقر خيلي ، والله لهممت أن أقتله ، قال : فدخل خالد على عبد الملك فقال : يا أمير المؤمنين أتاني عبد الله فحلف لهمّ بقتل الوليد فقال عبد الملك : ولم يقتله؟ قال : سابقه فسبقه ، فدخل على خيله فعقرها ، فقال عبد الملك : (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً ، وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ)(١) فقال خالد : يا أمير المؤمنين اقرأ الآية الأخرى : (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً)(٢) ، فقال عبد الملك : أما والله لنعم المرء عبد الله على لحن فيه ، قال : أفعلى لحن ابنك تعول؟ قال : إن أخا الوليد سليمان قال : وأخو عبد الله خالد ، قال : مدحت والله نفسك يا خالد ، قال : وقبلي والله ما مدحت نفسك يا أمير المؤمنين ، قال : ومتى؟ قال : حين قلت أنا قاتل عمرو بن سعيد ، قال : حق والله لمن قتل عمرا أن يفخر بقتله ، قال : أما والله لمروان كان أطولهما (٣) باعا ، قال : أما إنّي أرى ثأري في مروان صباح مساء ، ولو أشاء أن أزيله لأزلته ، وعنى بقوله أن أم خالد قتلت مروان ، قال : إذا شئت أن نطفئ نورك فافعل ، قال : ما جرأك علي يا خالد خلني عنك ، قال : لا والله ما قال الشاعر :
ويجر اللسان من أسلات الحرب |
|
ما لا يجر منها البنّان |
قال : فاستحيا عبد الملك وقال : يا وليد أكرم أخاك وابن عمك ، فقد رأيت أباه يكرم أباك وجده يكرم جدك (٤).
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور ، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أنا أبو محمّد بن زبر ، نا الحسن بن عليل ، نا مسعود بن بشر ، نا الأصمعي ، قال : قيل لخالد بن يزيد بن معاوية : ما أقرب شيء؟ قال : الأجل ، قال : فما أبعد شيء؟ قال : الأمل ، قال : فما أرجى شيء؟ قال : العمل ، قال : فما أوحش شيء؟
__________________
(١) سورة النمل ، الآية : ٣٤.
(٢) سورة الإسراء ، الآية : ١٦.
(٣) الأصل : أطولها والصواب عن م.
(٤) الخبر نقله ابن العديم في سير الأعلام ٧ / ٣١٩٠ ـ ٣١٩١.