قرأت في كتاب محمّد بن محمّد بن الحسن الديناري بخط بعض أهل الأدب ، وجدت بخط أبي الفرج علي بن الحسين الأصبهاني وأجازه لي ، أنا أبو الحسن الأسدي ، نا حمّاد ـ يعني [ابن] إسحاق الموصلي ـ ، عن أبيه ، قال : حدّثني مروان بن أبي حفصة ، قال : هجا البعيث بطنا من باهلة ، يقال لهم : بنو صحب فاستعدوا عليه إبراهيم بن عدي (١) في خلافة الوليد بن عبد الملك فضربه بالسياط ، وأمر به فطيف في سوق حجر مجلودا ، فقال جرير :
لئن هجوت بني (٢) صحب لقد تركوا |
|
للأصبحية في جنبيك آثارا |
قوم هم القوم لو عاد الزبير بهم |
|
لم يسلموه وزادوا الحبل أمرارا |
وكان البعيث وجرير والفرزدق يومئذ أحدّ ما كانوا في الهجاء ، فخرج البعيث مراغما لإبراهيم بن عدي (٣) لما صنع به فلحق بالشام ونزل البادية ، فجاور بني القعقاع أخوال الوليد بن عبد الملك ، ومدحهم وهجا ابن عربي ، وجعل جرير والفرزدق يهجوانه ، فروت العرب أشعارهما وخمل شعره لاغترابه (٤) ، فقال البعيث مما كان يهجو ابن عربي :
ترى منبر العبد اللئيم كأنما |
|
ثلاثة غربان عليه وقوع |
قال : فكان بعد ذلك ابن عربي إذا صعد المنبر تغامز به الناس ، وإذا رأى غرابا ساقطا يقول : لعنة الله على البعيث (٥).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا عبد الوهاب بن علي بن عبد الوهاب ـ إجازة إن لم يكن سماعا ـ أنا علي بن عبد العزيز الطاهري ، أنا أحمد بن جعفر بن محمّد ، أنا الفضل بن الحباب ، نا محمّد بن سلام ، حدّثني أبو الغراف قال : ورد على غسّان السليطي الأعور النبهاني من طيّ فسأله فقرن له وقال : ألا تغن عنا جريرا فقال (٦) :
__________________
(١) في ابن العديم : ابن عربي.
(٢) الأصل : بنو والمثبت عن م.
(٣) في ابن العديم : ابن عربي.
(٤) ابن العديم : لاعتزائه.
(٥) الخبر نقله ابن العديم في بغية الطلب ٧ / ٣٢٢٤.
(٦) الأبيات في معجم الأدباء ١١ / ٥٣ وبغية الطلب ٧ / ٣٢٢٢.