البلد الأمين؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أما ظلمة الليل وضوء النهار ، فإن الله عزوجل خلق خلقا من غثاء الماء ، باطنه أسود وظاهره أبيض ، وطرفه بالمشرق وطرفه بالمغرب تمدّه الملائكة ، فإذا أشرق الصبح طردت الملائكة الظلمة بجعلها في المغرب ، وتنسلخ الجلبات ، وإذا أظلم الليل طردت الملائكة الضوء حتى تحلّه في طرف الهواء ، فهما كذلك يتراوحان لا يبليان ولا ينفذان.
وأما إسخان الماء في الشتاء وبرده في الصيف ، فإنّ الشمس إذا سقطت تحت الأرض سارت حتى تطلع من مكانها ، فإذا طال الليل في الشتاء كثير لبثها في الأرض ، فيسخن الماء لذلك ، فإذا كان الصيف مرّت مسرعة لا تلبث تحت الأرض لقصر الليل ، فثبت الماء على حاله باردا.
وأما السحاب فينشق من طرف الخافقين بين السماء والأرض ، فيظلّ عليه الغبار مكففا (١) من المزاد المكفوف ، حوله الملائكة صفوف ، تخرقه الجنوب والصّبا ، وتلحمه الشّمال والدّبور.
وأما قرار ماء الرجل فإنه يخرج ماؤه من الإحليل وهو عرق يجري في ظهره حتى يستقر قراره في البيضة اليسرى ، وأمّا ماء المرأة فإن ماءها في التريبة يتغلغل ، لا يزال يدنو حتى يذوق عسيلتها.
وأمّا موضع النفس ففي القلب ، والقلب معلق بالنياط (٢) ، والنّياط يسقي العروق ، فإذا هلك القلب انقطع العرق.
وأما شراب المولود في بطن أمه فإنه يكون نطفة أربعين ليلة ، ثم علقة أربعين ليلة ، ومشيجا أربعين ليلة ، وغبيسا (٣) أربعين ليلة ، ثم مضغة أربعين ليلة ، ثم العظم حنيكا أربعين ليلة ، ثم جنينا ، فعند ذلك يستهلّ فينفخ فيه الروح ، فإذا أراد الله جلّ اسمه أن يخرجه تاما. وإن أراد أن يؤخره في الرحم تسعة أشهر فأمره نافذ ، وقوله صادق ، تجتلب (٤) عليه عروق الرحم ومنها يكون الولد.
__________________
(١) الأصل : مكفف.
(٢) عرق غليظ نيط به القلب إلى الوتين ، ج أنوطة ونوط (قاموس).
(٣) في القاموس : الغبس محركة والغبسة بالضم الظلمة ، أو بياض فيه كدرة رماد (قاموس).
(٤) غير واضحة بالأصل وتقرأ «تحلت» وفي م : تجملت والمثبت عن المختصر.