النبي صلىاللهعليهوسلم ، بينا خالد بن سعيد ذات ليلة نائم قال : رأيت كأنه غشيت (١) مكّة ـ وقال ابن طاوس : ملأ مكّة ـ ظلمة حتى لا يبصر امرؤ كفّه ، فبينا هو كذلك ، إذ خرج نور ثم علا في السماء ، فأضاء في البيت ثم أضاءت مكّة كلها ، ثم إلى نجد ثم إلى يثرب ، فأضاءها حتى إني لأنظر إلى البسر (٢) في النخل.
قال : فاستيقظت فقصصتها على أخي عمرو بن سعيد وكان جزل (٣) الرأي فقال :
يا أخي ، إن هذا الأمر يكون في بني عبد المطلب ألا ترى أنه خرج من حفيرة أبيهم؟ قال خالد : فإنه لمما هداني الله به للإسلام.
قالت أم خالد : فأول من أسلم أبي وذلك أنه ذكر رؤياه لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا خالد أنا والله ذلك النور ، وأنا رسول الله فقصّ عليه ما بعثه الله به ، فأسلم خالد وأسلم عمرو بعده.
وفي حديث ابن البنّا : قال لنا إبراهيم بن حمّاد : سمعت إبراهيم الأصبهاني يقول وهو الذي انتقى لنا هذا الحديث على ابن شبيب ، فقال محمّد بن أبي سلمة : هذا هو محمّد بن عمر الواقدي.
قال الدارقطني هذا حديث غريب من حديث موسى بن عقبة ، ولم يروه عنه غير محمّد بن أبي سلمة ، وهو الواقدي ، تفرد به يعقوب بن محمّد الزّهري عنه.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا حارث بن أبي أسامة ، أنا أبو عبد الله محمّد بن سعد (٤) ، أنا علي بن محمّد القرشي ، عن سعيد بن خالد وغيره ، عن صالح بن كيسان أن خالد بن سعيد قال : رأيت في المنام قبل مبعث النبي صلىاللهعليهوسلم ظلمة غشيت مكة حتى ما أرى جبلا ولا سهلا ، ثم رأيت نورا خرج من زمزم مثل ضوء المصباح كلما ارتفع عظم وسطع حتى ارتفع فأضاء لي أول ما أضاء البيت ، ثم عظم الضوء حتى ما بقي من سهل ولا جبل إلّا وأنا أراه ، ثم سطع في السماء ، ثم انحدر حتى أضاء لي نخل يثرب فيها البسر ،
__________________
(١) الأصل : غشية والمثبت عن م.
(٢) البسر : واحدته : بسرة ، وهو التمر قبل إرطابه.
(٣) يقال : جزل فلان صار ذا رأي جيد (قاموس محيط).
(٤) طبقات ابن سعد ١ / ١٦٦ في ذكر علامات النبوة في رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قبل أن يوحى إليه.