الذي يحجزك من أن تقع فيها ، وأبوك واقع فيها. فلقي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو بأجياد (١) فقال : يا محمّد إلى ما تدعو؟ قال : «أدعو إلى الله وحده لا شريك له وأن محمّدا عبده ورسوله ، وخلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع ولا يضرّ (٢) ولا ينفع ولا يدري من عبده ممن لم يعبده» قال خالد : فإني أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنك رسول الله صلىاللهعليهوسلم (٣). وتغيب خالد ، وعلم أبوه بإسلامه ، فأرسل في طلبه من بقي من ولده ممن لم يسلم ورافعا مولاه ، فوجدوه فأتوا به إلى أبيه أبي أحيحة فأنّبه وبكّته وضربه بمقرعة (٤) في يده حتى كسرها على رأسه ، ثم قال : أتبعت محمّدا وأنت ترى خلافه قومه؟ وما جاء به من عيب آلهتهم ، وعيب من مضى من آبائهم؟ فقال خالد : قد صدق والله واتّبعته. فغضب أبو أحيحة ، ونال من ابنه وشتمه ثم قال : اذهب يا لكع حيث شئت فو الله لأمنعنك القوت ، فقال خالد : إن منعتني فإن الله يرزقني ما أعيش به ، فأخرجه وقال لبنيه : لا يكلمه أحد منكم إلّا صنعت به ما صنعت به ، فانصرف خالد إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فكان يلزمه ويكون معه [٣٨٥٧].
قال (٥) : وأنا محمّد بن عمر ، نا عبد الحكيم (٦) بن عبد الله بن أبي فروة ، قال : سمعت عبد الله بن عمرو بن سعيد بن العاص يحدّث عمرو بن شعيب ، قال : كان إسلام خالد بن العاص ثالثا أو رابعا ، وكان ذلك ورسول الله صلىاللهعليهوسلم يدعو سرا ، وكان يلزم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويصلّي في نواحي مكّة خاليا فبلغ ذلك أبا أحيحة فدعاه فكلمه أن يدع ما هو عليه ، فقال خالد : لا أدع دين محمّد حتى أموت عليه ، فضربه أبو أحيحة بقرّاعة في يده حتى كسرها على رأسه ثم أمر به إلى الحبس وضيّق عليه وأجاعه وأعطشه حتى لقد مكث في حر مكّة ثلاثا ما يذوق ماء ، فرأى خالد فرجة فخرج فتغيب عن أبيه في نواحي مكّة حتى حضر خروج أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الحبشة في الهجرة الثانية ، فكان خالد أول من خرج إليها.
__________________
(١) أجياد : موضع بأسفل مكّة ، معروف من شعابها.
(٢) الأصل : «يبصر» والمثبت عن ابن سعد وأسد الغابة ١ / ٥٧٤ والاستيعاب ١ / ٤٠٢.
(٣) بعدها في المصادر الثلاثة : فسرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بإسلامه.
(٤) أسد الغابة : بعصا.
(٥) ابن سعد ٤ / ٩٥.
(٦) الأصل : عبد الحكم ، والمثبت عن ابن سعد وم.