وأظنكم ـ أيها الإخوان ـ تتصورون مركز ناظر الحربية ومبلغ اهتمام مثل حضرة أنور باشا بشئون الأمة الموكول إليها النظر في مجموع أمرها ومستقبلها ، ولا جرم مناط سيوف جيوشها التي ينظر في الدقيق والجليل منها هذا الرجل العظيم الذي تتمتع أعينكم الآن بمحياه البهيج.
إن التوفيق الذي أحرزته جيوشنا المنصورة في جناق قلعة يعزى في الدرجة الأولى لهذا القائد الكريم الذي أحيا وطنه بعد أن كان يضمحل بسلطة المستبدين في الداخل وهيمنة المستعبدين من الغربيين من الخارج ، فرد أعداءنا عن حمى دار الخلافة بعد أن بذلوا كل وكدهم عشرة أشهر لاستباحته ، فهذا الانتصار هو ثمرة تنظيمات هذا الرجل وتنسيقاته ، فإن روحه القوية التي سرت في الأعصاب من أكبر قائد في الجيش إلى أصغر جندي يخدم فيه ، وذلك القانون المطبق المفاضل على الكافة هو الذي كان منه هذا النصر الباهر ، الذي لم يسبق في تاريخ العثمانيين مثله ، اللهم إلا فتح محمد الفاتح لمدينة القسطنطينية.
جيشنا المنصور زاحف الآن إلى مصر يخلصها من مخالب إنكلترا الظالمة ، فهلا تعتقدون اعتقادا جازما بأنه سيعيدها إلى أمها الدولة العثمانية ، وينقذ ثلاثة عشر مليونا من إخواننا المسلمين؟ يترقبون الساعة التي يشرف بها عليهم أول جندي عثماني ، والجيش متشبع بالروح العالية التي بثها فيه وكيل القائد الأعظم ، فكان من أثره ما نلناه وسنناله من التوفيق.
لا شبهة في أن الجيش الذي قهر إنكلترا وفرنسا وروسيا في الدردنيل والبوسفور ، وهن في مبدأ قوتهن يسهل عليه بحول الله وقوته ومدد الرسول عليه الصلاة والسلام أن يسترجع حقّا لنا مغصوبا من حكومة إنكلترا الخداعة ،