وعليه فإننا إذا أجللنا أبطالنا ، وقدمنا لهم كل ما في طاقتنا من التكريم ، فإننا نخدم دولتنا ووطنا ؛ لأن ما نفعله يثير روح العمل والنشاط في النفوس الخاملة ، فتظهر مزاياها فتخدم وطنها ، ويتألف منها مجموع كامل يخدم البلاد ؛ فترقى إلى أوج السعادة والعلاء والمجد ، فتنال المكانة التي يؤهلها إليها تاريخها المجيد.
حدا بنا إلى كتابة هذه السطور ما رأيناه وسمعنا به من ضروب التكريم ، وما أقيم من معالم الزينة في حلب ودمشق وبيروت ويافا وغيرها من المدن السورية والفلسطينية التي حلت بها ركاب بطلي الإسلام العظيمين ، صاحبي الدولة أنور باشا وجمال باشا ناظري البر والبحر ، فقلنا في أنفسنا : الحمد لله تعالى ؛ إذ قد نشطت الأمة من ، عقالها فازدادت فيها الروح الوطنية قوة ، فأدركت معنى الفروسية والفرسان ، وأخذت تكرمهم لأنهم فدوا مصلحتهم الذاتية في سبيل المصلحة الوطنية العامة ، وسلبوا راحة أنفسهم بأنفسهم في سبيل راحة أبناء وطنهم المستقبلة ، حرموا أنفسهم لذيذ النوم لينام الأهلون في سعادة وهناء ، حرموا أنفسهم لذيذ الإقامة في مسقط رأسهم ؛ كي تهنأ الأمة بالمقام في بلادها وتقر عيونها برؤية فلذات أكبادها.
وبعد هذا ، فلا عجب إذا رأينا الأمة من أولها إلى آخرها في هذه الديار وغيرها من بلاد دولة الخلافة تقيم معالم الزينة ، وتنظم القصائد ، وتحبر المقالات ، وترتل الأناشيد في استقبال البطلين العظيمين أنور باشا وجمال باشا في كل بلد يؤمانها ، وفي كل بلدة يغادرانها ؛ تكريما للمزايا الرفيعة والخصال العالية.