صغير أنحله دبيب الروح الأعظم في عاطفته وشوقه ، جالس على القبور وقد ثوت فيها آمال الأمة مع رفات الجدود ، ذلك الضابط الشاب قد انحنى على يأس أخوته ، فاستخرج منه الأمل الحي في قلبه ، وبينما كان الكل في قطع الرجاء كان هو وحده منفردا بأمل الحرية والحياة ، كان أعدؤه كحلقات الحديد مرتبطة تتسلسل من عند جواهر التاج حتى رغيف الجندي اليابس ، أصدقاؤه قليلون ، ومناوئوه الجميع.
ذلك الضابط الصغير انتضى سيفه ، واندفع إلى الأمام ، فلم تمض أيام حتى أصبحت الأمة كلها جندا له ، وخشع أمامه الكل حتى أعداؤه.
انظر إلى ذلك الضابط الصغير أيها الوزير الكبير ، تذكر وأنت إلى جنب العرش ، ذلك الذي وضع أساس المجد وهو متشرد في الجبال.
تذكر وأنت إذا تحركت ماجت لأمرك ملايين السيوف ، وزمجرت لصوتك ألوف المدافع ، تذكر أنور بك ، وإلى جنبه رفيق جهاده نيازي بك تتمهد أمامك المصاعب ، وتذوب أمام بريق عينيك جبال الأهوال.
أي أمير السيف ، ومجدد مفاخر عثمان ما ذكرت لك أخاك نيازي لأثير كامن الشجن فيك ، ولكنها خواطر قوة تثور في روحك ، فتدب منها إلى الأمة المجاهدة قوة الموت في سبيل الحياة.
وما يسيل الدمع من مآقيك مثل هذا التذكار أنك ما افترقت عن نيازي ؛ لأنه إن لم يكن حيث أنت فأنت موجود حيث هو كائن. إن الرجال الذين يصطفيهم الروح الأعلى لإتمام مقدرات الإنسانية يعيشون وهما على الأرض ؛ إذ يحيون حقيقة في أوج المصادر الخالدة. إن روحك تجول حيث تجول الآن أرواح