وبعد أن استراحا هنيهة قدم لهما في أثنائها شيخ الحرم سادات المدينة وأعيانها ، ثم قرأ حضرته خطابا حيا به الوزيرين الكريمين ، ثم تلاه المفتي بخطاب جمع من البلاغة ما يدل على حسن اقتدار ، وحيث كان اليوم يوم جمعة ، وقد أزف وقت الصلاة لم تتمكن من إلقاء الخطب التي كنا قد استعددنا لها والقصائد التي أنشئت تحية لقدومهما ؛ بل اكتفينا بتقديمها درج كتب للزائر الكريم.
ثم بعد برهة صدر الأمر العالي بالتوجه للحرم الشريف ، فخرج مدير الصحة جمال بك وبشير بك مدير الشرطة من باب المحطة ، فأمرا مشايخ الطرق بالسير ، فساروا ينشدون الأناشيد المطربة ، مرتلين ذكر الله ، يحملون الأعلام الشريفة ، ثم مشى عبيد الأغوات يمينا ويسارا تتقدمهم الطاسة ، ثم السادة الأغوات كذلك ، ثم بعدهم أدلة الحرم الشريف ، ثم المؤذنون ، ثم الخطباء والأئمة ، ثم المفتي وسادات المدينة وأعيانها ، ثم بقية الوفد السوري ، وهم : الشيخ أسعد الشقيري والسيد أبو الخير عابدين مفتي دمشق ومصطفى أفندي نجا مفتي بيروت وكامل أفندي الحسيني مفتي القدس وأديب أفندي تقي الدين نقيب السادة الأشراف في دمشق ، يتقدمهم مولانا جلبي أفندي ثم فيصل بك المبجل ، ثم صاحبا الدولة الوزيران الكريمان تعلوهما المهابة ، ويحرسهما الجلال الإلهي قد ترديا برداء التواضع ، واضعي أيديهما على صدورهما كهيئة الواقف الذليل بين يدي الله عزوجل ، خاضعين لذلك الجلال المحمدي ، والسر الأحمدي ، ثم يتلوهما رجال الشرطة والدرك ، محافظين على النظام ، ثم رجال الحرس ، ثم بقية المتفرجين ممن لم ير الرائي في المدينة مثل عددهم اجتمع في محفل حافل ، وبينهم ألوف مؤلفة من العرب والقبائل جاءوا للاحتفال بالقائدين العظيمين ، يكفي القول بأن الفسيح الذي كان محتملا إياهم لدى وقوفهم بلغ