سيحيا بعدها الإسلام حياة طيبة ، وينتشر رواقه في إفريقية ، ويسري نوره في المعمور.
ثم بعد ذلك ، رجعا إلى الروضة النبوية ، فأديا فريضة الجمعة الكبرى ، وكان الخطيب هو رئيس الخطباء في المسجد النبوي ، فبحث في خطبته عن فضائل المدينة المنورة ، وعن فضائل المصطفى عليه الصلاة والسلام وأخلاقه الشريفة ، وما تقوم به الحكومة العثمانية الإسلامية من الانتباه والتيقظ ، ودعا الله أن ينصر خليفة الإسلام إلى الأبد ، ويؤيد الجيش والأسطول مرفوعة أعلامهما ، مؤيدة كلمتهما.
ثم ذهبا إلى فندق دار السرور ؛ حيث أعدت الحكومة هناك بما يليق بمقام الزائرين العظيمين ، وكان ذهابهما إليه بمثل ما دخلا به إلى الحرم الشريف من الاحتفال الفخم والأعلام العثمانية ، وأقواس النصر البديعة ترفرف على الرءوس ، ولم يستقر بهما الجلوس حتى أمر وكيل القائد الأعظم بالصدقات لتقسم على الفقراء ، فذبحت الذبائح في الحال ، وطبخت قدور الأرز في كل حي من أحياء المدينة ، ووضعت الحلوى أيضا حتى اكتفى الكل ، ثم أخذت الوفود تفد على حضرتيهما ، فيقابلان الكل بما يمتلك القلوب ويريح البال ، ولما أزف وقت العصر نزلا إلى الصلاة في المسجد النبوي ، وهكذا أديا فيه سائر الأوقات.
وبعد صلاة العصر ، لبس كل من حضرة أنور باشا وجمال باشا قفطانا أبيض وطربوشا أبيض ، وأخذا والسرور آخذ بمجامع قلبيهما يقومان بالمراسم الدينية والتعظيمات ، وبعد أن خشعت القلوب وفاضت الدموع بعبرات السرور ؛ تشرفا بالدخول إلى الحجرة المباركة ، وأوقد بالذات المصابيح ، ثم قبلا بكل احترام ستار الموقد النبوي ، واستمدا من المولى بحضرة صاحب الرسالة