من مقالة ممتعة كتبها المسيو جورج ريمون في مجلة الالستراسيون يوم كان مراسلا حربيّا لها في طرابلس الغرب ، في أثناء الحرب الإيطالية وعربها البلاغ في حينها ، ومن خلال مطالعتها يفهم التأثير الذي تركه أنور باشا في نفوس العرب بطرابلس الغرب.
«إن تلك القوة السحرية التي تتلألأ في عيني أنور بك هي المحرك الوحيد الذي يدعو بواسل العرب إلى الاستماتة في الذود عن حياض العثمانية في صحاري طرابلس الغرب ، وقد لا حظت أن أمرا سريّا يدفعهم إلى اختراق الصفوف غير مبالين بإطلاق القنابل التي تقذفها عليهم الطيارات المحلقة في الجو ، فشرعت أسال نفسي عن ذلك السر ، فلم أقف على نتيجة رغم إعنات الفكر وشحذ الذاكرة ، بيد أنني لم ألبث أن أحطت علما بكل شيء ، وعلمت أن العرب في طرابلس الغرب مشغوفون ببطل اليوم ، ولعون بفتى الانقلاب العثماني وابن الثورة السلمية.
إن من يشارف الأمور بنفسه لا يلبث أن يقتنع بصحة الخوارق التي يحدثها أنور بك في أدرنة ، ولا أخال أحدا يحيد عن محجة الهدى إلا إذا كان مأفون الرأي ، فاتر الهمة.
هل يعقل أن إنسانا لم يزل في غضارة الحياة يقدر أن يجتني من أفانين السعادة والغبطة ما يلذ الخاطر يهجر وطنه ومقر غبطته للإقامة بقطر هو كالجحيم في حرارة جوه الجاف ، ومائه الأسن الممقوت.