شخص قائد الجيوش المظفرة من دار الملك بعزيمته الصادقة ، يحفه الوقار ، وتشيعه المهابة ، في جملة من رجاله وحاشيته ، والقلوب تناجيه : سبحان الذي منّ على الإسلام بعميد مثلك ، ووفقك لخدمة الجامعة المحمدية المقدّسة ، وحبب إليك الاستماتة في إعلاء شأن الدولة العلية ، وجعلك حيثما حللت سراجا يستضاء به وسياجا يحتمى دونه.
ولما كان في سياحة عظيم الدولة عظات سياسية اجتماعية دينية يعتبر بها المعتبرون ، على اختلاف الأجيال والقرون ، رأيت أن أتشرف بالتأليف بين أجزاء أخبارها وآثارها في أرض الشام والحجاز تاركا لأقلام من كتبوا وخطبوا في هذا المجال حريتهم ، فإن نقل الشيء على حقيقته ادعى إلى تصور كل قائل بقوله ، فتتمثل للأنسال القادمة حالة عصرنا ومبلغ أهله من الأفكار والآداب.
ولعل من أوتوا حظّا من العقل السليم ، يدركون من مغزى ما سيقرءون ، أن المسلمين لم يعدموا في كل زمان رجالا باعوا أنفسهم في سبيل الله ، وسلبوا قرارهم ليوفروا لأمتهم سهمها من الراحة. وعسى الغرب الذي أساء ظنه زمنا طويلا بالشرق وأبنائه ولا سيما بالمسلمين منهم ، يعود إلى الرّوية في حكمه على الإسلام والمسلمين ويعطي رجال هذه الأمة العثمانية حقوقهم من التجلة والاحترام ، بل من الإعجاب والإعظام ، فليس في الأرض من لم يسمع باسم أنور العثمانيين ، وقرة عيون الموحدين ، ولكن من الأمم من نغلت قلوب رجالها أمراض الأغراض رجاء إرواء مطامعهم من هذا الشرق القديم فيغضون ممن رفع الله قدره ، وأعلى أمره ، وحفظ به بيضة الدين ، والله نسأل في الختام أن يحفظ لنا هذا الرجل العظيم ويؤيد بفضله وعمل العاملين من إخوانه هذه الدولة المنصورة أبد الآبدين ودهر الداهرين آمين.