الإسلامي وإعلانه الجهاد المقدس عند مسيس الحاجة ، وحزمه المدهش في الدفاع عن جناق قلعة وإنقاذ روح المملكة وعاصمتها؟ أو نشكر له مع رفاقه سعيه في محالفة أصحاب الشرف والنفوذ من الدول؟
كل ذلك معروف موصوف ، يعرفه البعيد والقريب ، ويتغنى به البغيض والحبيب ، نقش برمته في الصدور قبل السطور ، ولهجت به الألسن ، ورجعت صداه الأفكار ، حتى أمسى سمر الناس وحديثهم ، ورضي به وعنه الله.
وكأنا بحضرة القائد العظيم يردد في روحه الطاهرة قوله تعالى : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ) ويمعن النظر في قوله عليه الصلاة والسلام : «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته» ، فقد كان ـ أعزه الله ـ حريصا قبل كل شيء على تجديد الشعائر الفاضلة التي ظهر بها الإسلام في بدايته ، فاستقر رأيه العالي على زيارة معلم الخير مؤسس الملة الشارع الأعظم صلوات الله وسلامه عليه ، وتفقد الشئون في البلاد الشامية (١) وما أحدث فيها من قلاع وحصون ، والبحث في حال جيشها في زمن حمي به وطيس الحرب العامة ، وانقسم فيه العالم إلى قسمين متحاربين ، ولم يحد منه سوى جزء من الممالك هو في حكم المحارب ، والدولة العثمانية ، أعلى الله بالنصر أعلامها ، تحارب مع حلفائها حربا لم يسبق لها مثيل في الأيام الغابرة ، حرب لا توسط في نتائجها ؛ إما الحياة الطيبة ، أو الفناء الأكيد والعياذ بالله.
__________________
(١) درجنا هنا على اصطلاح علماء الجغرافية من العرب ، فإنهم إذا قالوا : الشام ، يعنون به القطر الممتد من عريش مصر إلى الفرات ، فيدخل فيه اليوم لواء القدس وولاية بيروت وولاية سورية ولواء حلب ومتصرفية لبنان وبعض لواء الزور. وفلسطين داخلة في الشام المقصود هنا.