يترقب إذا رسوله قد جاء يلوّح بثوبه ، فقال عبد الملك : إنّ هذا لبشير ، فأتاه رسوله الذي كان بمخيض يخبره أن أهل المدينة قد قتلوا ، ودخلها أهل الشام ، فسجد عبد الملك ، ودخل المدينة بعد أن برأ.
وقال غير محمّد بن عمر : كان أهل المدينة قد أخذوا على بني أمية العهود والمواثيق حتى أخرجوهم أن لا يدلوا على عورة لهم ، ولا يظاهروا عليهم عدوا ، فلما لقيهم مسلم بن عقبة بوادي القرى فقال مروان لابنه عبد الملك : ادخل عليه (١) قبلي لعله يجترئ بك مني ، فدخل عليه عبد الملك فقال له مسلم : هات ما عندك ، أخبرني خبر الناس ، وكيف ترى؟ فقال : نعم ثم أخبره بخبر أهل المدينة ، ودلّه على عوراتهم وكيف يؤتون ، ومن أين يدخل عليهم ، وأين ينزل ، ثم دخل عليه مروان فقال : إيه ، ما عندك؟ قال : أليس قد دخل إليك عبد الملك؟ قال : بلى ، قال : فإذا لقيت عبد الملك فقد لقيتني ، قال : أجل ، قال مسلم : وأيّ رجل عبد الملك قلّ ما كلّمت من رجال قريش رجلا به شبيها.
أنبأنا أبو علي الحداد وجماعة ، قالوا : أنا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن محمّد ، أنا سليمان بن أحمد (٢) ، نا أحمد بن رشدين ، نا محمّد بن سفيان ، نا ابن لهيعة عن أبي قبيل أن ابن موهب أخبره.
أنه كان عند معاوية بن أبي سفيان فدخل عليه مروان ، فكلّمه في حوائجه ، فقال : اقض حاجتي يا أمير المؤمنين ، فو الله إنّ مئونتي لعظيمة ، إنّي أصبحت أبا عشرة ، وأخا عشرة ، وعمّ عشرة ، فلما أدبر مروان وابن عباس جالس مع معاوية على سريره ، فقال معاوية : أنشدك الله يا ابن عباس ، أما تعلم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال :
«إذا بلغ بنو الحكم ثلاثين (٣) رجلا اتّخذوا آيات الله بينهم دولا ، وعباد الله خولا ، وكتابه دغلا (٤) ، فإذا ـ يعني ـ بلغوا تسعة وتسعين وأربعمائة كان هلاكهم أسرع من الثمرة» [٧٤٤٣].
قال ابن عباس : اللهم نعم ، فذكر مروان حاجة له ، فردّ مروان عبد الملك إلى معاوية ، فكلّمه فيها ، فلما أدبر قال معاوية : أنشدك الله يا ابن عباس أما تعلم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذكر هذا ،
__________________
(١) إلى هنا ينتهي السقط من م ، وقد أشرنا إلى بدايته قريبا.
(٢) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ١٢ / ١٨٢ رقم ١٢٩٨٢ و ١٩ / ٣٨٢ رقم ٨٩٧.
(٣) الأصل وم : ثلاثون ، والتصويب عن المعجم الكبير.
(٤) الأصل وم : دخلا ، والمثبت عن المعجم الكبير.