قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ـ إجازة ـ أنا أبو أيوب سليمان بن إسحاق ، نا الحارث بن أبي أسامة ، نا محمّد بن سعد (١) ، أنا محمّد بن عمر ، حدثني ابن أبي الزّناد ، عن أبيه ، قال : أقام الحجّ للناس سنة خمس وسبعين عبد الملك بن مروان ، فلما مرّ بالمدينة نزل في دار أبيه ، فأقام أياما ثم خرج حتى انتهى إلى ذي الحليفة ، وخرج معه الناس فقال له أبان بن عثمان : أحرم من البيداء ، فأحرم عبد الملك من البيداء.
قال (٢) : وأنا محمّد بن عمر ، حدثني ابن أبي سبرة ، عن المسور بن رفاعة قال : سمعت ثعلبة بن أبي مالك القرظي (٣) يقول :
رأيت عبد الملك بن مروان صلّى المغرب والعشاء في الشّعب ، فأدركني دون جمع ، فسرت معه ، فقال : صلّيت بعد؟ فقلت : لا ، لعمري ، قال : فما منعك من الصلاة؟ قال : قلت : إنّي وفي وقت بعد ، قال : لا ، لعمري ما أنت في وقت ، قال : ثم قال : لعلك ممن يطعن على أمير المؤمنين عثمان ، فأشهد عليّ أبي لأخبرني أنّه رآه صلى المغرب والعشاء في الشّعب ، فقلت : ومثلك يا أمير المؤمنين تكلّم بهذا ، وأنت الإمام ، وما لي وللطعن عليه وعلى غيره؟ قد كنت له لازما ، ولكني رأيت عمر لا يصلّي حتى يبلغ جمعا ، وليست سنّة أحبّ إليّ من سنّة عمر ، فقال : رحم الله عمر ، لعثمان كان أعلم بعمر ، لو كان عمر فعل هذا لاتّبعه عثمان ، وما كان أحد أتبع لأمر عمر من عثمان ، وما خالف عثمان عمر في شيء من سيرته إلّا باللين ، فإن عثمان لان لهم حتى ركب ، ولو كان غلّظ عليهم جانبه كما غلّظ عليهم ابن الخطاب ما نالوا منه ما نالوا ، وأين الناس الذين كان يسير فيهم عمر بن الخطاب ، والناس (٤) اليوم ، يا ثعلبة إنّي رأيت سيرة السلطان تدور مع الناس ، إن ذهب اليوم رجل يسير بتلك السيرة أغير (٥) على الناس في بيوتهم ، وقطعت السّبل ، وتظالم الناس ، وكانت الفتن ، فلا بدّ للوالي أن يسير في كل زمان بما يصلحه.
قال (٦) : وأنا محمّد بن عمر ، حدثني ابن أبي سبرة ، عن أبي موسى الحنّاط ، عن (٧)
__________________
(١) طبقات ابن سعد ٥ / ٢٢٩.
(٢) القائل : محمد بن سعد ، والخبر في الطبقات الكبرى ٥ / ٢٣٢.
(٣) تقرأ بالأصل وم : «القرطبي» تصحيف ، والتصويب عن ابن سعد.
(٤) الأصل وم : «فالناس» والمثبت عن ابن سعد.
(٥) الأصل وم : أعمر ، والمثبت عن ابن سعد.
(٦) طبقات ابن سعد ٥ / ٢٣٣.
(٧) في ابن سعد : «عن ابن كعب».