أبيّ بن كعب ، قال : سمعت عبد الملك بن مروان يقول : يا أهل المدينة إنّ أحق الناس أن يلزم الأمر الأول لأنتم ، وقد سالت علينا أحاديث من قبل هذا المشرق لا نعرفها ، ولا نعرف منها إلّا قراءة القرآن ، فالزموا ما في مصحفكم الذي جمعكم عليه الإمام المظلوم رحمهالله ، وعليكم بالفرائض التي جمعكم عليها إمامكم المظلوم رحمهالله ، فإنه قد استشار في ذلك زيد بن ثابت ، ونعم المشير كان للإسلام ، رحمهالله ، فأحكما ما أحكما ، وأسقطا ما شذّ عنهما.
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنا أبو الحسن السّيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى ، نا خليفة ، قال (١) :
وقال أبو عاصم عن ابن جريج ، عن أبيه ، قال :
حج علينا عبد الملك بن مروان سنة خمس وسبعين بعد مقتل ابن الزبير عامين ، فخطبنا وقال : أمّا بعد ، فإنّه كان من قبلي من الخلفاء يأكلون من المال ويؤكلون ، وإنّي والله لا أداوي أدواء هذه الأمة إلّا بالسيف ، ولست بالخليفة المستضعف ـ يعني عثمان ـ ولا الخليفة المداهن ـ يعني معاوية ـ ولا الخليفة المأبون ـ يعني يزيد بن معاوية (٢) ـ.
أيها الناس ، إنّما يحتمل لكم كل اللّغوبة (٣) ما لم يكن عقد راية ، أو وثوب على منبر ، هذا عمرو بن سعيد ، حقّه وحقّه وقرابته قرابته ، قال برأسه هكذا ، فقلنا : بسيفنا هكذا ، وإن الجامعة (٤) التي خلعها من عنقه عندي ، وقد أعطيت الله عهدا ألّا أضعها في عنق أحد إلّا أخرجها الصعداء (٥) ، فليبلغ الشاهد الغائب (٦).
أنبأنا أبو علي محمّد بن محمّد بن عبد العزيز بن المهدي ، ونا أبو الحجاج يوسف بن مكي الفقيه عنه ، أنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن أحمد العتيقي ، أنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان ، نا أبو بكر محمّد بن مزيد بن أبي الأزهر (٧) ، نا أحمد بن
__________________
(١) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٢٧٣ (حوادث سنة ٢٧٣).
(٢) قوله : «ولا الخليفة المالون ـ يعني يزيد بن معاوية» ليس في تاريخ خليفة أبنه يأبنه : عابه. وبحاشية تاريخ خليفة : «المأفون» نقلا عن البيان والتبيين.
(٣) الأصل وم : «الغوبة». والمثبت عن خليفة ، واللغوب الأحمق ، واللغوبة واللغابة : الضعف؟.
(٤) الجامعة : الغل الذي تشد به اليدان إلى العنق.
(٥) غن م وبالأصل : السعدا.
(٦) من قوله : وإن الجامعة إلى هنا ، ليس في تاريخ خليفة.
(٧) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٥ / ٤١.