منخراه ، وشخصت عيناه ، فقال : إنّكم دخلتم عليّ في حين إقبال آخرتي ، وإدبار دنياي ، وإنّي تذكّرت أرجى عمل لي فوجدتها غزوة غزوتها في سبيل الله ، وأنا خلو من هذه الأشياء ، فإيّاكم ... (١) هذه الخبيثة أن تطيفوا بها.
قال : ونا ابن أبي الدنيا ، حدثني محمّد بن إدريس ، نا إبراهيم بن عبد الله بن زبر ، قال : سمعت سعيد بن عبد العزيز التّنوخي يحدث قال (٢) :
لما نزل بعبد الملك بن مروان الموت أمر بفتح باب قصره ، فإذا بقصّار يضرب بثوب له على حجر ، فقال : ما هذا؟ فقالوا : قصار ، قال : يا ليتني كنت قصارا ـ مرتين ـ فقال سعيد بن عبد العزيز (٣) : الحمد لله الذي جعلهم يفزعون ويفرّون إلينا ولا نفرّ إليهم.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف ، أنا أبو محمّد المصري ، أنا أبو بكر الدينوري ، نا محمّد بن موسى بن حمّاد ، نا محمّد بن الحارث ، عن سعيد بن بشير ، عن أبيه.
أن عبد الملك بن مروان حين ثقل جعل يلوم (٤) نفسه ويضرب بيده على رأسه وقال : وددت أني كنت أكتسب يوما بيوم ما يقوتني وأشتغل بطاعة الله (٥).
فذكر ذلك لأبي حازم فقال : الحمد لله الذي جعلهم يتمنون عند الموت ما نحن فيه ، ولا نتمنى عند الموت ما هم فيه.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر اللالكائي ، أنا أبو الحسين المعدل ، أنا أبو علي بن صفوان ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدثني أبو زيد النميري ، نا أبو غسان محمد بن يحيى الكتاني ، حدثني عبد العزيز بن عمران بن (٦) عمر بن عبد الرحمن (٧) بن عوف عن أبيه عن جده قال :
لما حضرت عبد الملك بن مروان الوفاة نظر إلى غسّال بجانب دمشق يلوي ثوبا بيده ثم
__________________
(١) رسمها بالأصل وم : «وايا ابوابنا».
(٢) البداية والنهاية بتحقيقنا ٩ / ٨٢ باختلاف ، ومن هذه الطريق رواه المزي في تهذيب الكمال ١٢ / ٩٥.
(٣) كذا بالأصل ، وفي تهذيب الكمال : «فقال سعيد» ولم ينسبه ، وفي البداية والنهاية : «فلما بلغ سعيد بن المسيب قوله قال ...».
(٤) في البداية والنهاية ٩ / ٨٢ : جعل يندم ويندب ويضرب بيده.
(٥) إلى هنا ينتهي الخبر في البداية والنهاية.
(٦) الأصل : أن ، والمثبت عن م.
(٧) الأصل : عبد العزيز ، والمثبت عن م.