الشام ، يقال له سطيح ، قال : فأته (١) فاسأله عما أخبرتك ، ثم ائتني بجوابه ، فخرج عبد المسيح حتى قدم على سطيح وقد أشفى على الموت ، فسلّم عليه ، وحيّاه فلم يردّ عليه سطيح جوابا ، فأنشأ عبد المسيح يقول :
أصمّ أم يسمع غطريف اليمن |
|
أم فاز (٢) فاز لم به شأو الغبن (٣) |
يا فاصل الخطّة أعيت من ومن (٤) |
|
أتاك شيخ الحيّ من آل سنن |
وأمّه من آل ذئب بن حجن |
|
أزرق بهم النّاب صرار الأذن (٥) |
أبيض فضفاض الرداء والبدن |
|
رسول قيل العجم يسرّي الوسن (٦) |
لا يرهب الرعد ولا ريب الزّمن |
|
تجوب بي الأرض علندات شجن (٧) |
ترفعني وجنا (٨) وتهوي بي وجن |
|
حتى أتى عاري الجآجي (٩) والقطن |
يلفّه في الريح بوغاء الدّمن |
|
كأنما حثحث من حضني ثكن |
فلما سمع شعره رفع رأسه ، وقال : عبد المسيح ، على جمل مشيح ، إلى سطيح ، وقد أوفى على ضريح ، بعثك ملك بني ساسان ، لارتجاس الإيوان ، وخمود النيران ، ورؤيا الموبذان ، رأى إبلا صعابا ، تقود خيلا عرابا ، قد قطعت دجلة ، وانتشرت في بلادها.
يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة ، وظهر صاحب الهراوة وخمدت نار فارس ، وغاضت (١٠) بحيرة ساوة ، وفاض وادي السماوة فليس الشام لسطيح شاما ، يملك منهم ملوك
__________________
(١) الأصل : «فاتيه» والصواب ما أثبت.
(٢) فاز : أي مات ، يقال للرجل إذا مات : قد فوّز أي صار في مفازة ما بين الدنيا والآخرة.
(اللسان : فوز) وفي دلائل البيهقي : «فاد فاز لم».
(٣) كذا بالأصل وم ، وفي اللسان (فوز ، وعنن) : العنن.
والعنن : اعتراض الموت.
(٤) دلائل أبي نعيم :
يا فصل الخطة أعيت من فتن
وبعده في دلائل البيهقي :
وكاشف الكربة عن وجه غصن
(٥) دلائل أبي نعيم : أصك مهم الناب صرار الأذن.
وفي دلائل البيهقي : صوار.
(٦) دلائل البيهقي : بالرسن.
(٧) دلائل البيهقي : شزن.
(٨) دلائل أبي نعيم : تحمله وجناء تهوي من وجن.
(٩) الجآجي : مفردها جؤجؤ وهو مجتمع عظام الرأس. والقطن : أسفل الظهر من الإنسان.
(١٠) دلائل أبي نعيم : غارت.