دخلنا بلاد الروم ، وكان معنا شاب يقطع نهاره بقراءة القرآن والصوم ، وليله بالقيام ، وكان من أعلم الناس بالفرائض والفقه ، فمررنا بحصن لم نؤمر أن نقف عليه ، فمال إلى ناحية الحصن ، ونزل عن فرسه يبول ، فنظر إلى من ينظر من فوق الحصن ، فرأى امرأة فأعجبته فقال لها بالرومية : كيف السبيل إليك؟ فقالت : هين ، تتنضّر فنفتح لك الباب ، وأنا لك ، ففعل ودخل الحصن ، فنزل بكلّ واحد منا من الغمّ ما لو كان ولده من صلبه ما كان أشد عليه ، فقضينا غزاتنا فرجعنا ، فلم نلبث إلّا يسيرا حتى خرجنا إلى غزوة أخرى ، فمررنا بذلك الحصن ، فإذا هو ينظر إلينا مع النصارى ، فقلنا : يا فلان ما فعل قرآنك؟ ما فعل علمك؟ ما فعل صومك وصلاتك؟ فقال : أنسيت القرآن كلّه حتى [لا](١) أحفظ منه إلّا قوله : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ ، ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)(٢).
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي ، ثم حدّثنا أبو الفضل ، أنا أبو الفضل ، وأبو الحسين ، وأبو الغنائم ـ واللفظ له ـ قالوا : أنا أبو أحمد ـ زاد أحمد : ومحمّد بن الحسن قالا : ـ أنا أحمد بن عبدان ، أنا محمّد بن سهل ، أنا محمّد بن إسماعيل ، قال (٣) :
عبدة المروزي (٤) أبو سعيد ، سمع بقية.
أخبرنا أبو عبد الله الأديب ـ شفاها ـ وأبو الحسين القاضي ـ إذنا ـ قالا : أنا أبو القاسم بن منده ، أنا أبو علي ـ إجازة ـ.
ح (٥) قال : وأنا أبو طاهر ، أنا أبو الحسن قالا : أنا أبو محمّد بن أبي حاتم قال (٦) :
عبدة بن عبد الرّحيم أبو سعيد المروزي ، روى عن الفضل بن موسى ، وإبراهيم بن عيينة ، وضمرة ، ومحمّد بن حرب الأبرش ، والنّضر بن شميل ، ومحمّد بن فضيل ، وأبي معاوية الضرير ، والمحاربي ، وعبد الله بن نمير ، وعمرو العنقزي ، وبقية. روى عنه أبي ، وموسى بن إسحاق الأنصاري ، سئل أبي عنه فقال : صدوق.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن العباس ، أنا أحمد بن منصور بن خلف ، أنا أبو سعيد بن حمدون ، أنا مكي بن عبدان قال : سمعت مسلم بن الحجاج يقول : أبو سعيد عبدة المروزي سمع بقية.
__________________
(١) سقطت من الأصل ، وأضيفت عن م للإيضاح.
(٢) سورة الرعد ، الآية : ٢.
(٣) التاريخ الكبير للبخاري ٣ / ٢ / ١١٥.
(٤) في التاريخ الكبير : «المروي» كذا ، والمعروف بالنسبة إلى مرو ، مروزي.
(٥) «ح» حرف التحويل سقط من م.
(٦) الجرح والتعديل ٦ / ١٩٠.