آخرتك ما لم تعاهدها ، واقتصر على ما أمرت به ، فإن فيه شغلا عما نهيت عنه ، وفي الحقّ سعة لأهله على ما كان من شدّته وثقله ، واعلم أنّ ذلك إمام الأعمال الصالحة ، وأن عملا لم يكن الحق قائده وإمامه عمل لا يزكو به صاحبه ، واحذر نفسك واتّهمها ، ولا تحملها على الرخاء والدّعة ، واحملها على مكروهها ، وأكثر الصّمت فإنه زعة من الخطايا ، وسلامة من الشرّ ، ثم أنزل الدنيا منزل ظعن ، فإنك مفارقها إلى غيرها ، ولن تدرك الآخرة حتى تؤثرها على دنياك ، ولا تستحق العلم حتى تؤثره على الجهل ، ولا الحقّ حتى تذر الباطل ، فلا يكوننّ الحقّ عندك ضعيفا ، ولا الباطل لك أخا وصاحبا.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا عبد الله بن المبارك ، أنا حرملة بن عمران ، حدثني سليمان بن حميد (١).
أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عبد الملك بن عمر ابنه :
ليس من أحد من الناس رشده وصلاحه أحبّ إليّ من رشدك وصلاحك ، إلّا أن يكون والي عصابة من المسلمين ، أو من أهل العهد ، يكون لهم في صلاحه ما لا يكون لهم في غيره ، أو يكون عليهم من فساده ، ما لا يكون عليهم (٢) من غيره.
رواه يعقوب بن سفيان (٣) ، عن عبدان (٤) بن عثمان ، عن ابن المبارك.
أخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، وأبو الفضائل ناصر بن محمود بن علي ، قالا : أنا الفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم ، أنا أبو محمّد عبد الله بن الوليد الأنصاري ، أخبرني محمّد بن أحمد فيما كتب إليّ ، أخبرني جدي عبد الله بن علي اللّخمي ، أنا عبد الله بن يونس ، أنا بقي بن مخلّد ، نا أحمد بن إبراهيم الدّورقي ، نا منصور بن أبي مزاحم ، نا شعيب ـ وهو ابن صفوان ـ عن الفرات ـ يعني ابن السّائب ـ عن ميمون بن مهران (٥).
أن عمر بن عبد العزيز قال له :
__________________
(١) الكتاب من طريقه ، ذكره ابن الجوزي في سيرة عمر بن عبد العزيز ص ٧
(٢) في سيرة عمر : لهم.
(٣) المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي ١ / ٥٩٠.
(٤) كذا بالأصل وم ، وفي المعرفة والتاريخ : عبد الله بن عثمان.
(٥) من طريقه رواه ابن الجوزي في سيرة عمر بن عبد العزيز ص ٣٠٢