أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنى
قال : فعرفت قدر حمّاد بن سلمة من ذلك اليوم ، فما كنت أنشده إلّا ما أتقنته.
قال القاضي : والبنّاء في الرباع والمساكن ممدود مكسور الباء في لغات عامة العرب ، وبهذه اللغة جاء القرآن ، قال الله تعالى : (وَالسَّماءَ بِناءً)(١) وذكر الفراء أن من العرب من يقصر البناء هاهنا.
أخبرنا أبو العزّ بن كادش ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا (٢) ، أنا عبيد الله بن محمّد بن جعفر الأزدي ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني محمّد بن الحسين ، نا سليمان (٣) بن حرب ، نا أبو هلال الراسبي ، عن حميد بن هلال ، قال :
تفاخر رجلان من قريش ، رجل من بني هاشم ، ورجل من بني أمية ، فقال هذا : قومي أسخى من قومك ، وقال هذا : قومي أسخى من قومك ، قال : سل في قومك حتى أسأل في قومي ، فافترقا على ذلك ، فسأل الأموي عشرة من قومه ، فأعطوه مائة ألف عشرة آلاف عشرة آلاف ، قال : وجاء الهاشمي إلى عبيد الله بن عباس فسأله فأعطاه مائة ألف ، ثم أتى الحسن بن علي فسأله فقال : هلا أتيت أحدا قبلي؟ قال : نعم ، عبيد الله بن عباس فأعطاني مائة ألف ، فأعطاه الحسن مائة ألف وثلاثين ألفا ، ثم أتى الحسين بن علي فسأله فقال : هل سألت أحدا قبل أن تأتيني؟ قال : نعم أخاك الحسن ، فأعطاني مائة وثلاثين ألفا ، فقال : لو أتيتني قبل أن تأتيه أعطيتك أكثر من ذلك ، ولكن لم أكن لأزيد على سيدي ، قال فأعطاه مائة ألف وثلاثين ألفا.
قال : فجاء الأموي بمائة ألف من عشرة ، وجاء الهاشمي بثلاثمائة وستين ألفا من ثلاثة ، فقال الأموي : سألت عشرة من قومي فأعطوني مائة ألف ، وقال الهاشمي : سألت ثلاثة من قومي فأعطوني ثلاثمائة وستين ألفا ، قال : ففخر الهاشمي الأموي ، فرجع الأموي إلى قومه فأخبرهم الخبر وردّ عليهم المال فقبلوه ، ورجع الهاشمي إلى قومه فأخبرهم الخبر وردّ عليهم المال فأبوا أن يقبلوه ، وقالوا : لم نكن لنأخذ (٤) شيئا قد أعطيناه.
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٢.
(٢) الجليس الصالح الكافي ١ / ٣٦٢.
(٣) في الجليس الصالح : سليم بن حرب.
(٤) الجليس الصالح : لنرتجع.