قال أبو عمر : حتى بدأن ، فقال : أخطأت ، فقال : بدين ، فقال : أخطأت يا أعلم الناس بكلام العرب ، حين بدون.
قال المعافى : أبو عمر (١) الجرمي أرفع طبقة عندنا في علم العربية من أن يذهب مثل هذا عليه ، ولكنه أجاب على البديهة وترك التبيّن والروية ، فوقع في خطأ العجلة ، وهو أعلم بالتصريف والأبنية ، وأمضى في معرفة الهموز والفصل في غير المهموز بين بنات الواو وبنات الياء من الأصمعي.
وأما تخطئة الأصمعي له في قوله : بدأن في البيت الذي أنشده فهو كما ذكر ، وقد أصاب في تخطئته ، وأما تخطئته إيّاه في قوله بدين فكما قال أيضا ، وإنّما يقال بدأن بكذا إذا ابتدأ به بتخفيف الهمزة ، وبدان على تليين الهمزة ، وبدين على قلبها ياء حين ألقاها كما يقال : قرأت وقرات وقريت ، وصحيفة مقروءة على تخفيف الهمزة ، ومقروّة على تليينه ، ومقراة على الطرح والقلب ، وقد قرأ جمهور القرأة (أَرَأَيْتَ) بالتخفيف ، وقرأ نافع (أَرَأَيْتَ) بالتليين والجمع بين ساكنين ، وقرأ الأعمش أريت (٢) بالطرح ، واختار الكسائي هذا الوجه ، فقرأ به ، وهو معروف في العربية ، وفيه تفريق بين الخبر والاستخبار ، ومن هذه اللغة قول أبي الأسود الدّيلي :
أريت (٣) امرأ كنت لم أبله |
|
أتاني فقال اتّخذني خليلا |
وقال آخر :
أريت (٤) الآمر يك بصرم حبلي |
|
مر يهم في أحبّتهم بذاك |
وقال آخر :
أرأيتك أن منعت كلام ليلى |
|
أتمنعني على ليلى البكاء |
وقال آخر (٥) :
أريت أن جاءت (٦) به أملودا |
|
معمما ويلبس البرودا |
__________________
(١) الأصل : عمران ، والمثبت عن م والجليس الصالح.
(٢) الأصل وم : «أرأيت» والمثبت عن الجليس الصالح.
(٣) الأصل وم : «أرأيت» والمثبت عن الجليس الصالح والديوان ٣٨ واللسان (رأى).
(٤) الأصل وم : «أرأيت» والمثبت عن الجليس الصالح والديوان ٣٨ واللسان (رأى).
(٥) اللسان (رأى) والخصائص لابن جني ١٣٦١.
(٦) في الخصائص : إن جئت.