تضمن للبشر سعادة ورفاهية لا يكفل مثلها الإسلام ، وربما لا يكفلها غير الإسلام من الأديان السماوية.
وفي كثير من البلاد التي تخلصت حديثا من ربقة الاستعمار رغبة في التخطيط والعمل والإنتاج في مجالات الصناعة والتجارة والتعدين والتعليم والصحة وغيرها من أسباب النهوض ، وهي حين تلتمس الخبراء في كل نوع من أنواع هذا النشاط لا تكاد تجد إلا أجانب عن بيئتها ودينها من المواطنين أو من غير المواطنين ، وحين تلتمس من المواطنين خبراء يملكون مع الخبرة معارف دينية صحيحة وعقيدة واعية لا تكاد تعرف أين توفدهم ليتعلموا ويستفيدوا الخبرة والمعرفة والعقيدة. وهي عناصر ثلاثة ضرورية لتستكمل هذه البلاد نهضتها وتمضي في وجهها على الطريق السوي وإذ كان الأزهر وحده هو المعهد أو الجامعة التي يحرص المسلمون وراء الحدود على ان يقنع فيه أبناؤهم لهذه المسئوليات فقد كان من الطبيعي أن يكون نظام الأزهر وعلى الأزهر بحيث تعد هؤلاء الخبراء مستكملين لكل العناصر التي تهيئهم لحمل أعباء النهضة في بلادهم.
أو لكن الأزهر إذ يعد علماء في الدين وفي لغة القرآن لم يتهيأ بعد لتأهيل العالم الديني المتخصص في عمل من أعمال الخبرة والإنتاج التي تحتاج إليها نهضة المسلمين في كل البلاد. وحين تنبهت بعض البلاد الإسلامية إلى هذه الحقيقة المؤسفة فحولت بعثاتها كلها أو بعضها إلى الجامعات المدنية في الجمهورية العربية المتحدة أو في غيرها من البلاد ، عاد إليها مبعوثوها بعد إتمام دراستهم وهم يملكون الخبرة ولا يكادون يعرفون الدين ، في حين يعود المبعوثون منهم إلى الأزهر وقد حصلوا من علوم الدين وعلوم القرآن حظا كبيرا ، ولكنهم لا يحسنون عملا ولا يطيقون إنتاجا ولا يقدرون على المشاركة في لون من ألوان النهضة التي أشرنا إليها آنفا. وبهؤلاء وأولئك تعقدت الحياة الاجتماعية في كثير من بلاد العالم الإسلامي وتعثرت النهضة في تلك البلاد.