والكوفة وبغداد وفي مسجد القيروان ، وفي مسجد القرويين (١) ، وفي غيرها من المساجد الكبرى ، ولكن هذه الحلقات لم يكتب لها الدوام والاستمرار ما عدا حلقات مسجد القرويين بفاس بالمغرب.
وكان انشاء الأزهر عام ٣٦١ ه وقيام الحلقات العلمية فيه منذ انشائه حتى اليوم وطيلة ألف عام معجزة الثقافة الاسلامية التليدة الخالدة ، لأن الأزهر اليوم هو أم الجامعات الاسلامية ، وهو الذي يمدها بالتوجيه وبالأساتذة ، وبالخطط العلمية المدروسة.
وقامت بعد ذلك الجامعة النظامية التي أسسها الوزير نظام الملك وزير السلطان السلجوقي الب أرسلان وصديق الشاعر الصوفي الكبير عمر الخيام ، وذلك عام ٤٥٧ ه ، ثم الجامعة المستنصرية في بغداد ، كما قامت جامعات إسلامية أخرى في نيسابور ودمشق وبيت المقدس والاسكندرية والقاهرة وغيرها من عواصم العالم الاسلامي ، ولكنها اندثرت ولم يبق منها شيء.
والأزهر على أية حال هو الصورة المشرقة لكل الجامعات الاسلامية ، وهو الذي يلخص تاريخ الحضارة الاسلامية كلها طيلة ألف عام ، فقد ازدهر بازدهارها وضعف بضعفها ، ولأنه لم يكن جامعة اسلامية لمصر وحدها ، بل كان جامعة اسلامية للعالم الاسلامي كافة ، يؤمه طلاب العلم من كل مكان في بلاد الاسلام ، وهو مفخرة المفاخر حظا ، لأنه روح الحضارة الاسلامية ودرعها الواقي. وبحسبنا انه كان موئل العربية وملاذها الأمين.
ـ ٢ ـ
والفاطميون هم الذين أنشأوا الأزهر في مصر ، اثر فتحهم لها مباشرة ،
__________________
(١) نوقشت في كلية اللغة العربية في ١٣ / ٣ / ١٩٧٤ رسالة دكتوراة عن (جامعة القرويين ودورها في حفظ ثقافة الاسلام قدمها أحمد البهي الحفناوي) باشراف د. عبد الحميد بخيت وعضوية الدكتورين محمد الطيب النجار والسيد عبد العزيز سالم.