حيث أمر قائد الفتح جوهر الصقلي عام ٣٥٩ ه بالبدء فورا في انشائه ، لا ليكون مكانا للعبادة والصلاة فحسب ، ولكن ليكون منبرا دينيا للدولة الفاطمية لنشر مذهبها وعقائدها مع ذلك أيضا.
وقد شرع في بناء الأزهر في الرابع والعشرين من جمادى الأولى سنة ٣٥٩ ه ـ ٩٧٠ م وأقيمت الصلاة فيه أول مرة في اليوم السابع أو التاسع من رمضان عام ٣٦١ ه ـ ٩٧٢ م ، واختير لبنائه مكان في الجنوب الشرقي من القاهرة بالقرب من القصر الكبير بين حي الديلم وحي الترك.
وسمي الأزهر لأنه كان محاطا بقصور زاهرة ، ولأنه كان أكبر الجوامع على الاطلاق فخامة ورواء ، وقد ذهب بعض المؤرخين الى القول بأنه سمي باسم فاطمة الزهراء التي ينتسب اليها الفاطميون ، ويقال إنه كذلك تفاؤلا بما سيكون له من الشأن والمكانة بازدهار العلوم فيه.
وما كاد جوهر يضع أساس القاهرة اذن ، حتى كان بعد تسعة شهور بناء المسجد يتلقى الناس فيه عقائد المذهب الفاطمي.
والأزهر أول مسجد أنشىء بالقاهرة المعزية ، وعند ما أنشأه جوهر الصقلي ترك امامه رحبة واسعة فكان الخلفاء حين يصلون بالناس بالجامع الأزهر ، تدخل العساكر كلها وتقف في هذه الرحبة حتى يدخل الخليفة الى الجامع. وبقيت هذه الرحبة الى وقت الدولة الأيوبية ، ثم شرع الناس بالعمارة فيها حتى لم يبق لها أثر. وكان الأزهر كسائر الجوامع الاسلامية في العصر الذي بنى فيه يشتمل على محل مسقوف للصلاة يسمى مقصورة وآخر غير مسقوف يسمى صحنا.
ويقول المقريزي إن أول ما درس في الأزهر من العلوم ، هو الفقه الفاطمي على مذهب الشيعة ، ففي صفر عام ٣٦٥ ه جلس قاضي مصر أبو الحسن علي بن النعمان بن محمد بن حتون بالجامع الأزهر وأملي مختصر أبيه في الفقه عن أهل البيت (فقه الشيعة) ، ويعرف هذا المختصر