حدّثني غير واحد أن علقمة بن علاثة وعامر بن الطفيل الجعفريين (١) تنافرا في الشرف فقال علقمة بن علاثة : أنا والله يا عامر أحبّ إلى بنات عمك إذا أصابتهم سنة منك ، فقال له عامر : لا أنافرك على (٢) هذه أنت رجل سخي وأنا بخيل ، ولكني أحبّ إلى بنات عمك إذا غشيتهن الخيل منك ، قال علقمة : لا أنافرك على هذه لأنك أشد مني بأسا ، ولكني موف وأنت غادر ، وأنا عفّ وأنت عاهر ، وأنا والد وأنت عاقر ، فقال عامر (٣) :
بغاث الطير أكثرها فراخا |
|
وأم الصقر مقلات نزور (٤) |
وأولاد الثعالب ناميات |
|
وكيف تذبح الحجل الصقور (٥) |
فقال عامر : أنا والله أطعن للسرة ، وأحوب للقفرة ، ولكني أنافرك إلى هرم بن قطبة بن سيار الفزاري قال : نعم.
فخرجا حتى دفعا إليه فقالا : أتيناك فيما تنافرنا فيه من الشرف ، وقد أردنا أن تحكم بيننا. فقال : اجمعوا إليّ الناس ، فجمعا له من كان بعقوتهم (٦) ثم أعلماه ذلك.
فدعا علقمة بن علاثة ، فقال : يا علقمة ، أتنافر عامرا وأنت تعلم أن يوما منه خير من سنة منك؟ قال : فلما ظن علقمة أنه يفضله عليه ، ناشده الله في الإبقاء ، وأنه لا ينافره بعدها أبدا. قال : قال : الله ، الله (٧). ثم أخرج ، ثم دعا (٨) عامرا ، فقال : أتنافر علقمة يا عامر ، والله لأصغر ولد له أشرف منك ، فلما ظن أنه سيفضله عليه ناشده الله في الإبقاء ، وأنه لا ينافره أبدا. قال : الله؟ قال : الله ، قال : أخرج.
__________________
(١) يلتقيان في نسبهما ، عند جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة.
(٢) بالأصل : «لا انا مرى هذه».
(٣) البيتان في ديوان العباس بن مرداس ط بيروت ص ١٧٢ فيما نسب إليه. من قصيدة مطلعها :
ترى الرجل النحيف فتزدريه |
|
وفي أثوابه أسد مزير |
وانظر تخريجهما في الديوان.
وفي تاج العروس بتحقيقنا (نزر) البيت الأول ونسب فيه إلى كثير ، وانظر ما لاحظناه هناك.
(٤) بغاث الطير : صغارها ، والمقلات : التي لا تكثر فراخها.
والنزور : القليلة الأولاد.
(٥) روايته في ديوان ابن مرداس :
ضعاف الطير أطولها جسوما |
|
ولم تطل البزاة ولا الصقور |
(٦) العقوة : ما حول الدار والمحلة (تاج العروس عقو).
(٧) الأصل : قال : الله ، قال : الله. والمثبت عن م.
(٨) الأصل : «ثم عاد عام».