ثم أخذ بعارضتي (١) بابه والناس ينظرون ، فقال : إن هذين تنافرا إليّ في الشرف ، وحكّماني ، وأنّهما عندي كذراعي بكر هجان (٢). فقال عامر : اجعلني اليمنى منهما ولك مائة ناقة ، قال : والله لا أفعل ، ثم طبق في وجوههم.
ثم خرج علقمة بعد حين إلى قيصر ببصرى يحتذيه (٣) ، فخرج آذن قيصر ، فقال من هاهنا من رهط امرئ القيس بن حجر فليدخل ، ومن كان هاهنا من رهط عامر بن الطفيل فليدخل. فقال علقمة : ما أراني إلّا كنت ظالما لعامر ، جئت لا أعرف على باب قيصر إلّا به ، ما لي إليكم حاجة ، ثم انصرف وهو يقول :
بحسبك من عار عليّ مقالهم |
|
فقد لحظوني بالعيون النواظر |
إليكم فلستم راجعين بحاجة |
|
سوى أن تكونوا من ندامى المعاقر |
فيا ليتني لم أدع في الوفد وافدا |
|
وكنت [أسيرا](٤) في صدا وبحائر |
ولم يدعني الداعي على باب قيصر |
|
بتلك التي تبيض منها غدائري |
فأسلمت لله الذي هو آخذ |
|
بناصيتي من بعد إذ أنا كافر |
قال : فلما سمع عامر ، وبلغه قول علقمة في الشعر قال :
أعلقم قد أيقنت أنّي مشهر |
|
غداة دعا الداعي أغرّ محجل |
وقيلهم إن كنت من رهط عامر |
|
أو الشمّ من رهط امرئ القيس فادخل |
فنوّه باسمي قيصر وقبيله |
|
وإني لدى النعمان ضخم مبجّل |
أترجو سهيلا في السماء تناله |
|
بكفك فاصبر إن صبرك أجمل |
فأسلم علقمة ثم سأل عمر بن الخطاب هرم بن قطبة بعد ما أسلم : أيهما كان أفضل عندك؟ فقال : والله يا أمير المؤمنين ، ما أبالي أيومئذ (٥) حكمت بينهما أو اليوم. فقال عمر : من أسرّ عني سرا فليضعه عند مثلك.
أخبرنا أبو محمّد السلمي ، نا أبو بكر الخطيب.
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، نا أبو بكر بن الطّبري قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله ، نا يعقوب ، نا أبو بكر بن أبي شيبة ، نا عبد الرحيم بن سليمان عن
__________________
(١) من قوله : ثم دعا عامرا إلى هنا سقط من م.
(٢) الهجان : الكريم.
(٣) يعني : يطلب منه.
(٤) زيادة لتقويم الوزن عن م.
(٥) الأصل : يومئذ ، والمثبت عن م.