سفيان يوم أحد إلّا أنّي لم أر أبا سفيان معكم ، فكره معاوية أن يراجعه ، فيأتي بأشد مما جاء به ، فلما كان الغد قعد معاوية على سريره ، وأمر بكرسيّ يوضع إلى جنب السرير ، ثم أذن للناس ، فدخلوا وأجلس الضحاك بن قيس معه ، ثم أذن لعقيل فدخل (١) عليه ، فقال : يا معاوية ، من هذا معك؟ قال : هذا الضحاك بن قيس ، فقال ، الحمد [لله](٢) الذي رفع الخسيسة ، وتمم النقيصة ، هذا الذي كان أبوه يخصي بهمنا (٣) بالأبطح ، لقد كان بخصائها رفيقا ، فقال الضحاك : إني لعالم بمحاسن قريش ، وإن عقيلا لعالم بمساوئها. ثم قال : ومن هذا الشيخ؟ فقال : أبو موسى الأشعري ، قال : ابن المرّاقة كانت أمه طيبة المرق فقال له معاوية : أبا يزيد : على رسلك ، فقد علمنا مقصدك ومرادك ، فأمر له بخمسين ألف درهم ، وقال له : كيف رأيتني من أخيك؟ قال : أخي خير لنفسه منك ، وأنت خير لي منك لنفسك ، فأخذها كلها ورجع إلى أخيه ، فقال : اخترت الدنيا على الآخرة.
أخبرنا جدي أبو المفضل (٤) القاضي ، أنبأ أبو القاسم بن أبي العلاء ، أنا أبو الحسن بن السمسار ، أنبأ محمّد بن أحمد ، أنبأ جعفر بن محمّد بن إبراهيم العلوي ، أنبأ يحيى بن الحسن بن جعفر العلوي ، أنا أبو الحسن بكار بن أحمد الأزدي ، نا حسن بن حسين ، عن عبد الرّحمن العرزمي ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه قال :
أتى عقيل عليا بالعراق فقال : أعطني ، فأبى أن يعطيه ، وقال : أكتب لك إلى مالي بينبع فتعطى ، فقال عقيل : لأذهبنّ إلى رجل يعطيني ، فأتى معاوية ، فقال : مرحبا بأبي يزيد ، هذا أخو عليّ وعمه أبو لهب ، فقال له عقيل : هذا معاوية وعمته حمّالة الحطب (٥).
قال يحيى بن الحسن : وسمعت علي بن الحسين بن علي بن عمر يقول نحو هذا الحديث ، وزاد فيه : أن معاوية قال لعقيل أين ترى عمك أبا لهب من النار؟ فقال له عقيل : إذا دخلتها فهو على يسارك مفترش عمّتك حمّالة الحطب ، والراكب خير من المركوب.
أخبرنا بها عالية أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأ أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن عليّ ، أنا عبد الله بن محمّد ، حدّثني سويد بن سعيد ، نا عبد الوهاب الثقفي ، نا جعفر بن محمّد ، عن أبيه.
__________________
(١) الأصل : يدخل ، والمثبت عن م ، و «ز».
(٢) الزيادة عن م و «ز». وأسد الغابة.
(٣) البهم جمع بهيم ، وهو ما لا شية فيه من الخيل ، للذكر والأنثى (القاموس المحيط).
(٤) الأصل : الفضل ، والمثبت عن م و «ز».
(٥) سير أعلام النبلاء ١ / ١٠٠ وتاريخ الإسلام (٤١ ـ ٦٠) ص ٨٥.