لرجل : خذ بيده فانطلق به إلى حوانيت أهل السوق ، فقل : دقّ هذه الأقفال وخذ ما في هذه الحوانيت.
قال : يريد عليّ ، أن يتخذني سارقا ، فخرج إليه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أردت أن تتخذني سارقا!؟ قال : أنت والله أردت أن تتخذني سارقا ، أن آخذ أموال الناس فأعطيكها دونهم ، قال : لآتين معاوية ، قال : أنت وذاك ، فأتى معاوية ، فسأله فأعطاه مائة ألف ، ثم قال : اصعد المنبر فاذكر ما أولاك علي من نفسه ، وما أوليتك من نفسي.
قال : فصعد [المنبر] فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ، إني أخبركم أني أردت عليا على دينه ، فاختار دينه ، وإني أردت معاوية على دينه ، فاختارني على دينه. فقال معاوية : هذا الذي تزعم قريش أنه أحمق ، وأنهما أعقل منه (١).
قرأت على أبي محمّد عبد الله بن أسد بن عمار ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنا عبد الوهاب بن جعفر بن علي ـ ونقلته من خطه ـ حدّثني أحمد بن علي بن عبد الله ، حدّثني محمّد بن سعيد العوضي ، نا محمود بن محمّد الحافظ ، نا عبيد الله بن محمّد ، حدّثني محمّد بن حسان الضّبّي ، نا الهيثم بن عدي ، حدّثني عبد الله بن عياش المرهبي ، وإسحاق بن سعيد (٢) ، عن أبيه (٣).
أن عقيل بن أبي طالب لزمه دين ، فقدم على علي بن أبي طالب الكوفة ، فأنزله وأمر ابنه الحسن فكساه ، فلما أمسى دعا بعشائه ، فإذا خبز وملح وبقل ، فقال عقيل : ما هو إلّا ما أرى؟ قال : لا ، قال : أفتقضي ديني؟ قال : وكم دينك؟ قال : أربعون ألفا ، قال : ما هي عندي ، ولكن اصبر حتى يخرج عطائي ، فإنه أربعة آلاف فأدفعه إليك ، فقال له عقيل : بيوت المال بيدك ، وأنت تسوّفني بعطائك ، فقال له : اكسر صندوقا من هذه الصناديق وخذ ما فيه ، فإن فيه أموال الناس ، فقال له : أتأمرني بذلك؟ فقال له : أتأمرني أن أدفع إليك أموال المسلمين ، وقد ائتمنوني عليها ، قال : فإنّي آت معاوية ، فأذن له ، وأعطاه أربع مائة درهم فخرج إلى معاوية ، فقال : كيف أنت يا أبا يزيد؟ كيف تركت عليا وأصحابه ، قال : كأنهم أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم بدر إلّا أنّي لم أر رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيهم ، وكأنك وأصحابك أبو
__________________
(١) رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ٣ / ١٠٠ من طريق حميد بن هلال. وتاريخ الإسلام (٤١ ـ ٦٠) ص ٨٥ وانظر أسد الغابة ٣ / ٥٦١ وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٣ / ٨٤.
(٢) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي أسد الغابة : سعد.
(٣) رواه ابن الأثير في أسد الغابة ٣ / ٥٦١ ـ ٥٦٢ من طريق ابن عساكر.