وبنو أبينا وأظهر الإسلام ، فلما قدم عمر بن الخطاب رضى الله عنه الشام سنة سبع عشرة لاحى جلة رجلا من مزينة فلطم عينه فأمره عمر بالاقتصاص منه ، فقال : أو عينه مثل عيني والله لا أقيم ببلد على به سلطان ، فدخل بلاد الروم مرتدا ، وكان جبلة ملك غسان بعد الحارث بن أبى شمر ، وروى أيضا أن جبلة أتى عمر بن الخطاب وهو على نصرانيته فعرض عمر عليه الإسلام وأداء الصدقة فأبى ذلك وقال : أقيم على ديني وأؤدى الصدقة.
فقال عمر : إن أقمت على دينك فأد الجزية فانف منها ، فقال عمر : ما عندنا لك إلا واحدة من ثلاث ، أما الإسلام ، وأما أداء الجزية ، وأما الذهاب إلى حيث شئت : فدخل بلاد الروم فى ثلاثين ألفا ، فلما بلغ ذلك عمر ندم وعاتبه عبادة بن الصامت فقال لو قبلت منه الصدقة ثم تألفته لأسلم ، وأن عمر رضى الله عنه وجه فى سنة إحدى وعشرين عمير بن سعد الأنصارى إلى بلاد الروم فى جيش عظيم وولاه الصائفة ـ وهي أول صائفة كانت ـ وأمره أن يتلطف لجبلة بن الأيهم ويستعطفه بالقرابة بينهما ويدعوه إلى الرجوع إلى بلاد الإسلام على أن يؤدى ما كان بذل من الصدقة ويقيم على دينه ، فسار عمير حتى دخل بلاد الروم وعرض على جبلة ما أمره عمر بعرضه عليه فأبى إلا المقام فى بلاد الروم ، وانتهى عمير إلى موضع يعرف بالحمار ، وهو واد فأوقع بأهله ، وأخربه فقيل أخرب من جوف حمار.
قالوا : ولما بلغ هرقل خبر أهل اليرموك وإيقاع المسلمين بجنده هرب من انطاكية إلى قسطنطينية ، فلما جاوز الدرب قال : عليك يا سورية السلام ونعم البلد هذا للعدو يعنى أرض الشام لكثرة مراعيها. وكانت وقعة اليرموك فى رجب سنة خمس عشرة. قال هشام بن الكلبي : شهد اليرموك حباس بن قيس القشيري فقتل من العلوج خلقا وقطعت رجله وهو لا يشعر ، ثم جعل ينشدها