فتح الثغور الشامية
حدثني مشايخ من أهل انطاكية وغيرهم ، قالوا : ثغور المسلمين الشامية أيام عمر وعثمان رضى الله عنهما وما بعد ذلك انطاكية وغيرها من المدن التي سماها الرشيد عواصم ، فكان المسلمون يغزون ما وراءها كغزوم اليوم ما وراء طرسوس ، وكان فيما بين الاسكندرونة وطرسوس حصون ومسالح للروم كالحصون والمسالح التي يمر بها المسلمون اليوم فربما أخلاها أهلها وهربوا إلى بلاد الروم خوفا وربما نقل إليها من مقاتلة الروم من تشحن به ، وقد قيل : إن هرقل أدخل أهل هذه المدن معه عند انتقاله من انطاكية لئلا يسير المسلمون فى عمارة ما بين انطاكية وبلاد الروم والله أعلم :
وحدثني ابن طسون (١) البغراسى عن أشياخهم أنهم قالوا : الأمر المتعالم عندنا أن هرقل نقل أهل هذه الحصون معه وشعثها فكان المسلمون إذا غزوا لم يجدوا بها أحدا وربما كمن عندها القوم من الروم فأصابوا غرة المتخلفين عن العسكر والمنقطعين عنها ، فكان ولاة الشواتى والصوائف إذا دخلوا بلاد الروم خلفوا بها جندا كثيفا إلى خروجهم (١).
وقد اختلفوا فى أول من قطع الدرب وهو درب بغراس ، فقال بعضهم : قطعه ميسرة بن مسروق العبسي وجهه أبو عبيدة بن الجراح فلقى جمعا للروم ومعهم مستعربة من غسان وتنوخ وإياد يريدون اللحاق بهرقل فأوقع بهم وقتل منهم مقتلة عظيمة ، ثم لحق به مالك الأشتر النخعي مددا من قبل أبى عبيدة وهو بأنطاكية ، وقال بعضهم : أول من قطع الدرب عمر بن سعد الأنصارى حين توجه فى أمر جبلة بن الأيهم وقال أبو الخطاب الأزدى : بلغني أن أبا
__________________
(١) أي ليمثلونهم أثناء غيابهم ، ويحافظوا على السلطة ، والأمن في البلاد.