مقاتلتهم وأقر من بقي منهم على دينهم وردهم إلى قراهم وأجلى قوما من أهل لبنان. فحدثني القاسم بن سلام أن محمد بن كثير حدثه ، أن الأوزاعى : كتب إلى صالح رسالة طويلة حفظ منها ، وقد كان من أجلاء أهل الذمة من جبل لبنان ممن لم يكن ممالئا لمن خرج على خروجه ممن قتلت بعضهم ورددت باقيهم الى قراهم ما قد علمت فكيف تؤخذ عامة بذنوب خاصة حتى يخرجوا من ديارهم وأموالهم ، وحكم الله تعالى (أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) وهو أحق ما وقف عنده واقتدى به ، وأحق الوصايا أن تحفظ وترعى وصية رسول الله صلىاللهعليهوسلم فإنه قال : «من ظلم معاهدا وكلفه فوق طاقته فأنا حجيجه» ثم ذكر كلاما.
حدثني محمد بن سهم الأنطاكى ، قال : حدثني معاوية بن عمرو عن أبى إسحاق الفزاري ، قال : كانت بنو أمية تغزو الروم بأهل الشام والجزيرة صائفة وشاتية مما يلي ثغور الشام والجزيرة وتنيم للراكب الغزو وترتب الحفظة فى السواحل ويكون الإغفال والتفريط خلال الحزر والتيقظ فلما ولى أبو جعفر المنصور تتبع حصون السواحل ومدنها فعمرها وحصنها وبنى ما احتاج إلى البناء منها وفعل مثل ذلك بمدن الثغور ، ثم لما استخلف المهدى استتم ما كان بقي من المدن والحصون وزاد فى شحنها ، قال معاوية ابن عمرو : وقد رأينا من اجتهاد أمير المؤمنين هارون فى الغزو نفاذ بصيرته فى الجهاد أمرا عظيما أقام من الصناعة ما لم يقم قبله وقسم الأموال فى الثغور والسواحل وأشجى الروم وقمعهم وأمر المتوكل على الله بترتيب المراكب فى جميع السواحل وأن تشحن بالمقاتلة وذلك فى سنة سبع وأربعين ومائتين.
* * *