مالك فمات قبل أن ينفذوا. ثم ولى الرشيد الخلافة فأمر ببنائها وتحصينها وشحنتها وإقطاع مقاتلتها المساكن والقطائع.
وقال غير الواقدي : أناخ بطريق من عظماء بطارقة الروم فى جمع كثيف على مدينة الحدث حين بنيت وكان بناؤها بلبن قد حمل بعضه على بعض وأضرت به الثلوج وهرب عاملها ومن فيها ودخلها العدو فحرق مسجدها وأخربها واحتمل أمتعة أهلها فبناها الرشيد حين استخلف.
وحدثني بعض أهل منبج ، قال : إن الرشيد كتب إلى محمد بن إبراهيم بإقراره على عمله فجرى أمر مدينة الحدث وعمارتها من قبل الرشيد على يده ثم عزله.
قالوا : وكان مالك بن عبد الله الخثعمي الذي يقال له مالك الصوائف وهو من أهل فلسطين غزا بلاد الروم سنة ست وأربعين وغنم غنائم كثيرة ، ثم قفل : فلما كان من درب الحديث على خمسة عشر ميلا بموضع يدعى الرهوة أقام فيها ثلاثا فباع الغنائم وقسم سهام الغنيمة فسميت تلك الرهوة رهوة مالك.
قالوا : وكان مرج عبد الواحد حمى لخيل المسلمين فلما بنى الحدث وزبطرة استغنى عنه فازدرع ، قالوا : وكانت زبطرة حصنا قديما روميا ففتح مع حصن الحدث القديم فتحه حبيب بن مسلمة الفهري ، وكان قائما إلى أن أخربته الروم فى أيام الوليد بن يزيد فبنى بناء غير محكم فأناخت الروم عليه فى أيام فتنة مروان بن محمد فهدمته فبناه المنصور ، ثم خرجت إليه فشعثته فبناه الرشيد على يدي محمد بن ابراهيم وشحنه ، فلما كانت خلافة المأمون : طرقه الروم فشعثوه وأغاروا على سرح أهله فاستاقوا لهم مواشى فأمر المأمون بمرمته وتحصينه ، وقدم وفد طاغية الروم فى سنة عشر ومائتين يسأل الصلح فلم يجبه إليه وكتب إلى عمال الثغور فساحوا فى بلاد الروم فأكثروا فيها