وهو على ذلك يشتهيه قال ذو الرمة يصف ماء شعرا :
صرى أجنّ يروي له المرّ وجهه |
|
ولو ذاقه ظمآن في شهر ناجر |
وقال الشّماخ شعرا :
طوى ظمأها في بيضة القيظ بعد ما |
|
جرت في عنان الشّعر بين الأماعز |
فهذان شهرا القيظ ولا أعلم أنهم سمّوا شهري ربيع الثاني باسم ، إلا أنّهم يقولون : حللنا ببلد كذا في حدّ الربيع يريدون شهريه وقال أبو ذؤيب شعرا :
بها أبلت شهري ربيع كليهما |
|
فقد مار فيها نسؤها واقترارها |
النّسو بدو السّمن والاقترار أن تحثر بولها وهو من علامات السّمن ، قال رؤبة :
شهران مرعاها بقيعان الصّلق |
|
مرعى أنيق النّبت مجّاج الغدق |
وقال ابن مقبل شعرا :
أقامت به حدّ الرّبيع وحازها |
|
أخو سلوة مسّى به اللّيل أملح |
يريد بأخي السّلوة النّدى لأنهم في رخاء وسكون ما دام النّدى عندهم وقولهم : مسّى به الليل : أي جاء عند مجيء الليل ، والأملح الأبيض ، ربما ذكروا استيفاءها شهور الرّبيع الثّاني كلّها. قال حميد شعرا :
رعين المراز الجون من كلّ مذنب |
|
شهورا جمادى كلّها والمحرّما |
قال : شهورا جمادى كلّها وهما شهران كما قال تعالى : (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) [سورة النساء ، الآية : ١١] يريد أخوين فصاعدا ولم يفعلوا ذلك في زمن الخريف فيذكروا منه شهرين فيما علمت. ولا أحسب ذلك إلا لأنه لم يدعهم إلى ذكره شيء كما دعا إليه شدّة البرد في الشّتاء ، وشدّة الحر في الصّيف والقيظ ، ووقت الجزء في الرّبيع.
قال أبو حنيفة : النّاس مجمعون من تقديم البروج على برج الحمل. ومن تقديم المنازل على الشّرطين ، وفي ذلك دلالة على تقديم فصل الرّبيع ، وذكره قبل سائر الفصول وهو لحلول الشّمس برأس الحمل ، قال : والفصل اسم جرى في كلام العرب وجاءت به أشعارهم ، قال الشّاعر يصف حمير وحش شعرا :
نظائر جون يعتلجن بروضة |
|
لفصل الرّبيع إذ تولّت صبائنه |
وسمّي فصلا لانفصال الحر من البرد ، وانقلاب الزّمن الذي قبله ، ويقال للفصول