ولا أطول لها ارتباطا ، ولا أهجى لمن لم يتّخذها ، أو اتّخذها وأهزلها ، ولا أمدح لمن اتّخذها وأكرمها منهم.
وكذلك أضيفت إليهم بكلّ لسان ـ ونسبت إليهم بكلّ مكان ـ وفي كلّ زمان ـ حتى قالوا : هذا فرس عربي ، ولم يقولون : رومي ، ولا هندي ، ولا فارسي فحصنوها تحصين الحرم ، وصانوها صون المهج ، ليبذلوها يوم الرّوع ويأمنوا بها أوان الخوف ، وليجعلوها درّية يوم اللّقاء ، ووصلة إلى درك الثّأر حتى قالوا : إنّ الحصون الخيل ، لا مدر القرى ، كما قال الآخر شعرا :
ولمّا نأت عنّا العشيرة كلّها |
|
أنخنا فخالفنا السّيوف على الدّهر |
وكانوا يصبرون على مئونتها في الجدب ، ويغتبقون الماء القراح في الأزل ويؤثرونها على العيال بالصّنيعة ، ليكافئ عند الطلب ، أو الهرب ، ولذلك قال الأشعري مالك الجعفي :
لكن قعيدة بيننا محفوة |
|
باد جناجن صدرها ولها غنى |
تقفي بعيشة أهلها وثابة |
|
أو جرشع عبل المحازم والشّوى |
وقال خالد بن جعفر الكلابي :
أريغوني أراغتكم فإنّي |
|
وحذفة كالسّجى تحت الوريد |
أسوّيها بنفسي أو بحرّ |
|
وألحفها ردائي في الجليد |
أمرت الرّاغبين ليؤثروها |
|
لها لبن الحلوبة والصّعود |