ووصف السّهو بأنه نسيان ، وكوصف الكون بأنه حركة أو سكون ، أو مجاورة أو مفارقة ، وكوصف الحروف بأنّها كلام والكلام بأنه خبر أو أمر أو نهي. ووصف الإرادة بأنّها عزم أو قصد أو خلق وكذلك جميع ما يجري. والاشتراك في هذه الصّفات يوجب اشتراك الموصوفين بها فيما أفادته دون غيرها مما يجري مجرى تماثل ذواتها واختلافها.
الوجه الخامس : صفة تفيد كون الموصوف بها على حال من الأحوال وهذا كوصف الشّيء بأنه معدوم أو موجود ، أو حي ، أو قادر أو عاجز أو معتقد ، أو عالم أو جاهل ، أو ساه أو مريد ، أو كاره أو سميع أو بصير. وعلى الأحوال التي إذا كان عليها إدراك المدركات يسمّى به الشّيء لتهيأ ذكره والإخبار عنه وهو قولهم شيء ونفس وعين وذات. وكذلك الأسماء المضمرة والمبهمة نحو هو وأنت ، وذلك وهذا والهاء في ضربته والياء في ضربني. وفرّقوا في بعضها بين المذكّر والمؤنّث والواحد والجمع. وهذه الصّفات والأسماء التي نوّعناها وأشرنا إليها مقتسمة بين الحقيقة والمجاز ، وسنبيّن كيفية وضعها واستمرارها أو انقطاعها في البابين إن شاء الله تعالى.
فصل آخر
اعلم أنّ اللغة لا يجوز أن يكون فيها غلط وذلك أنه إن كان الله تعالى واضعها على ما يذهب إليه أكثر العلماء ، وعلى ما أخبر به عند قوله تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) [سورة البقرة ، الآية : ٣١] فلا يجوز أن يكون فيها غلط لأنّ الحكيم الذي بيّنها لعباده لا يجوز عليه الغلط وإن كان يجوز أن يكون قد ذهب عنهم بعض ما بينه لآدم عليهالسلام وأحدثوا أبدالا منه ، أو زادوا عليه على حسب الدّواعي والحاجة ، ولو كانوا فعلوا ذلك لما جاز أن يعلم أحد تغيّرهم لذلك إلا بخبر من الله ينزله على نبي من أنبيائه لأن اللّغات لا تعرف إلا من جهة السّمع ولا تعرف بدلالة العقل ، ولو كانوا غيّروها بأسرها لما أنزل الله القرآن بها على لسان محمد صلىاللهعليهوسلم ، وإن كان ابتداء اللّغة من كلام العباد وتواضعهم على ما يقوله بعضهم فلا يجوز أن يقع فيها أيضا غلط لأنّهم إنما سمّوا الأشياء بأسماء جعلوها علامات لها لتعرف بها وليكون التّباين والتّمايز منها ، وإذا كان أصل كلامهم ولغتهم جروا فيه على ما بيّنا فلا يجوز أن يكون فيها غلط لأنّ الحكمة تلحقه ولا تفارقه في الحالتين جميعا ، وإذا ثبت ما بيّناه من أمر اللغة ووجدنا انقسامها إلى الحقيقة والمجاز والحقيقة ما وضع من الأسماء للمسمّيات على طريق اللّزوم لها ، والاطراد فيها لأنّها يحق لها عند التعبير عنها وأمثلتها ما قدّمناه ، والمجاز ما أجري على الشّيء وليس له في أصل الوضع ، تجوزا على طريق الاستعارة ، وتفاصحا منهم وافتنانا ويكون قاصرا عن الأصل وزائدا عليه ومماثلا له ، وكيف اتّفق يكون