فلما طال جلوسنا وفرغنا من الكلام قلت : قوموا بنا الساعة ، فإنا ندرك الحاج بحويم (١) أول منزل من البلد ، فقمنا وسرنا قليلا ، فالتفتّ فإذا نحن قدام الحاج ، والحاج وراءنا ، ورأيت الفارسين وراءنا ببعيد.
قال أبو الفتح ـ يعني ـ عبد الرحيم : وإلى يومنا هذا لم أحكه أزيد من سمعه معي ، وكان أبو عبد الله محمّد بن أحمد المعروف بأميرويه حاضرا فقال : أنا سمعت من الشيخ هذه الحكاية ، والرجل الذي كان معه كان أليسع أو أخوه الإصطخريين فاتفق سماعي من التقيين جميعا.
آخر الجزء السابع والعشرين بعد الأربع مائة من الأصل (٢)
أخبرنا أبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم ، أنبأنا أبي الأستاذ أبو القاسم القشيري (٣) ، حدّثنا أبو عبد الله بن باكوية قال : قال أبو عبد الله بن خفيف : دخلت بغداد قاصدا إلى الحجّ ، وفي رأسي نخوة الصوفية ، ولم آكل الخبز أربعين يوما ، ولم أدخل على الجنيد ، ففرحت ولم أشرب إلى زبالة (٤) وكنت على طهارتي ، فرأيت ظبيا على رأس البئر وهو يشرب ، وكنت عطشان ، فلما دنوت من البئر ولّى الظبي (٥) ، وإذا الماء في أسفله ، فمشيت فقلت : يا سيدي ما لي محلّ هذا الظبي؟ فسمعت من خلفي : جربناك فلم (٦) تصبر ، ارجع وخذ الماء ، فرجعت وإذا البئر ملأى ماء ، فملأت (٧) ركوتي ، وكنت أشرب منه وأتطهر
__________________
(١) كذا رسمها بالأصل ، وفي د : «بحريم» وفي «ز» : «بحريم». ولم أجده.
(٢) كتب بعدها في «ز» : بلغت سماعا بقراءتي وعرضا على سيدنا القاضي العالم الورع أبي البركات الحسن بن محمد ابن الحسن بن هبة الله بإجازته من عمه المؤلف وابنه أبي سعيد عبد الله.
وكتب محمد بن يوسف بن محمد البرزالي الإشبيلي وسمع النصف الأخير منه أبو العباس أحمد بن يوسف بن عبد الله التلمساني يوم الثلاثاء الحادي عشر من شهر رجب سنة ثمان عشرة وستمائة بالمسجد الجامع بدمشق حرسها الله تعالى في مجلس واحد. والحمد لله وحده وصلاته على محمد نبيه ورسوله وسلامه ..... (بياض عدة أسطر).
(٣) الرسالة القشيرية ص ٣٠١.
(٤) بياض بالأصل ، وفي «ز» : «زيارته» والمثبت عن الرسالة القشيرية. وزبالة : منزل معروف بطريق مكة من الكوفة (انظر معجم البلدان للحموي).
(٥) الأصل : الظبية ، والمثبت عن «ز».
(٦) بالأصل : «حربنا مما» وفي «ز» : «صوتا يقول لما تصبر» والمثبت عن الرسالة القشيرية.
(٧) بالأصل : ملأت ، والمثبت عن «ز».