لهم على جهاد عدوّهم ، فأقرّها عمرو ، وأحصى أهلها وفرض عليهم الخراج ، فكانت مصر صلحا كلّها بفريضة دينارين دينارين على كل رجل ، لا يزاد على أحد منهم فى جزية رأسه أكثر من دينارين ، إلا أنه يلزم بقدر ما يتوسّع فيه من الأرض والزرع إلا الإسكندرية (١) ، فإنهم كانوا يؤدّون الخراج والجزية على قدر ما يرى من وليّهم (٢) ، لأن الإسكندرية فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد ، ولم يكن لهم صلح ولا ذمّة*).
وقد كانت قرى من قرى مصر ـ كما حدثنا عبد الله بن صالح ، عن الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبى حبيب ـ قاتلت فسبوا (٣) ، منها قرية يقال لها بلهيب ، وقرية يقال لها الخيس ، وقرية يقال لها سلطيس ، فوقع سبايهم بالمدينة وغيرها ، فردّهم عمر بن الخطاب إلى قراهم ، وصيّرهم وجماعة القبط أهل ذمّة (٤).
حدثنا عثمان بن صالح ، أخبرنا ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبى حبيب ، أن عمرا سبى أهل بلهيب وسلطيس وقرطسا وسخا ، فتفّرقوا ، وبلغ أوّلهم المدينة حين (٥) نقضوا ، ثم كتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بردّهم ، فردّ من وجد منهم.
حدثنا عبد الملك بن مسلمة ، عن ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبى حبيب ، أن عمر بن الخطاب كتب فى أهل سلطيس خاصّة : من كان منهم فى أيديكم فخيّروه بين الإسلام ، فإن أسلم فهو من المسلمين ، له ما لهم وعليه ما عليهم ، وإن اختار دينه فخلّوا بينه وبين قريته ، فكان البلهيبىّ خيّر يومئذ فاختار الإسلام.
(*) ثم رجع إلى حديث عثمان ، عن يحيى بن أيّوب ، أن أهل سلطيس ومصيل وبلهيب ، ظاهروا الروم على المسلمين فى جمع كان لهم ، فلما ظهر عليهم المسلمون استحلّوهم وقالوا : هؤلاء لنا فىء مع الإسكندرية ، فكتب عمرو بن العاص بذلك إلى عمر ابن الخطاب ، فكتب إليه عمر بن الخطاب أن تجعل الإسكندرية وهؤلاء الثلاث قريات
__________________
(١) إلا الإسكندرية ب : «إلا أهل الإسكندرية».
(٢) ك : «على قدر ما يرى من وليهم».
(٣) ك : «فسبوا».
(٤) قارن بالسيوطى ج ١ ص ١٢٣ وهو ينقل عن ابن عبد الحكم.
(٥) ج : «حتى».
(* ـ *) قارن بالسيوطى ج ١ ص ١٢٣ وهو ينقل عن ابن عبد الحكم.