وكان عبد العزيز يرسله بالبزّ (١) إلى ابن عمر.
حدثنا أبو الأسود ، حدثنا ابن لهيعة عن عبيد الله بن المغيرة ، عن عبد الأعلى بن أبى عمرة ، أن عبد العزيز بن مروان أرسل معه بألف دينار إلى ابن عمر فقبلها.
قال : وأقطع عبد الملك بن مروان عمر بن علىّ الفهرىّ ، ثم أحد بنى محارب داره ذات الحمّام التى اشتراها موسى بن عيسى إلى جنب أصحاب القرط. وذلك أن عبد الملك بن مروان لما قتل عمرو بن سعيد ، كان عمر بن على ممن أبلى معه ، وكان فى أصحابه ، فدخل عليه فى خاصّته وعمرو بن سعيد مقتول ، فاستشارهم فى قتله ، فكلّهم هاب قتله ، ولم يره ، فقال عمر بن علىّ : اقتله ، قتله الله. فلا يزال فى خلاف ما عاش.
قال عبد الملك : ها هو ذا قال ، فألق رأسه إلى الناس وأنهبهم بيت المال يفترقون عنك ، ففعل ، فافترق الناس ، وأرسله عبد الملك إلى منزل عمرو يفتشه فوجد فيه كتبا فيها أسماء من بايعه فأحرقها ، وبلغ ذلك عبد الملك فقال له : ما حملك على ما فعلت؟
قال : لو قرأتها لما صحّ لك قلب شأمىّ ولا استقامت طاعته إذا علم أنك قد علمت بخلافه فصوّب رأيه وحمده ، وأقطعه داره ذات الحمّام التى اشتراها موسى بن عيسى إلى جنب أصحاب القرط.
قال عبد الملك بن مسلمة : هى قطيعة من عبد العزيز للفهرى ولم يسمّه باسمه.
إلا أن ابن عفير سمّاه وقال : عبد الملك بن مسلمة أقطعها عبد العزيز الفهرى مولى ابن رمّانة حين قدم عليه ، وبناها له يزيد بن رمّانة ، وهى الدار التى تعرف اليوم بدار السلسلة.
وآل أبى عبد الرحمن يزيد بن أنيس الفهرى ينكرون ذلك ، وهم بذلك أعلم ، ويقولون : إنها خطّة لأبى عبد الرحمن الفهرى ، اختطّها عام فتح مصر ولم يكن بنى منها شيئا غير سورها ، ثم خرج إلى الشام فاستشهد بها ، ثم قدم ابناء العلاء وعلىّ وكان العلاء أسنّهما ، وقد كان رأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقدما إلى مصر فجعلا ذلك البناء مثل المريد العظيم ، ولم يجعلا فيها إلا منزلا واحدا ، وأسكنا فيه مولى لهما يقال له يحنّس ، ثم خرج العلاء إلى المدينة فقتل عام الحرّة وخلّف الحارث بن العلاء ، وخرج علىّ إلى الشام فتوفّى بها ، وخلّف عمر بن على ، فصار بمنزلة عند عبد الملك.
__________________
(١) ك : «بالبرّ».