لهم ، وما فتح عنوة فإنّ ذلك (١) لا يشترى منهم أحد ، ولا يجوز لهم بيع شىء مما تحت أيديهم من الأرض ؛ لأن أهل الصلح من أسلم منهم كان أحقّ بأرضه وماله ، وأمّا أهل العنوة الذين أخذوا عنوة ؛ فمن أسلم منهم أحرز إسلامه نفسه ، وأرضه للمسلمين ، لأن أهل العنوة غلبوا على بلادهم وصارت فيئا للمسلمين ، ولأن أهل الصلح إنما هم قوم امتنعوا ومنعوا بلادهم حتى صالحوا عليها ، وليس عليهم إلا ما صالحوا عليه ، ولا أرى أن يزاد عليهم ولا يؤخذ منهم إلا ما فرض عمر بن الخطاب ؛ لأن عمر خطب الناس فقال :قد فرضت (٢) لكم الفرائض وسنّت لكم السّنن ، وتركتم على الواضحة.
قال : وأمّا جزية الأرض فلا علم لى ولا أدرى كيف صنع فيها عمر ، غير أن قد أقرّ الأرض فلم يقسمها بين الناس الذين افتتحوها فلو نزل هذا بأحد كنت أرى أن يسأل أهل البلاد أهل المعرفة منهم والأمانة ، كيف كان الأمر فى ذلك ، فإن وجد من ذلك علما يشفى وإلّا اجتهد فى ذلك هو ومن حضره من المسلمين.
حدثنا عبد الملك بن مسلمة ، حدثنا الليث بن سعد ، أن عمر بن عبد العزيز وضع الجزية عمّن أسلم من أهل الذمّة من أهل مصر ، وألحق فى الديوان صلح من أسلم منهم فى عشائر من أسلموا على يديه.
قال عبد الرحمن (٣) : وقال غير عبد الملك : وكانت تؤخذ قبل ذلك ممن أسلم وأول من أخذ الجزية ممن أسلم من أهل الذمّة كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة ، عن ابن لهيعة ، عن رزين بن عبد الله المرادى ، الحجّاج بن يوسف. ثم كتب عبد الملك بن مروان إلى عبد العزيز بن مروان ، أن يضع الجزية على من أسلم من أهل الذمة ، فكلّمه ابن حجيرة (٤) فى ذلك ، فقال : أعيذك بالله أيها الأمير أن تكون أوّل من سنّ ذلك بمصر ، فوالله إنّ أهل الذمّة ليتحمّلون جزية من ترهّب منهم ، فكيف تضعها على من أسلم منهم؟ فتركهم عند ذلك.
حدثنا عبد الملك بن مسلمة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبى حبيب ، أن عمر
__________________
(١) ب ، ج : «أولئك».
(٢) ك : «فرضت».
(٣) عبد الرحمن : زيدت من ك.
(٤) د : «ابن حجيرة القاضى».