جائز لمن ابتاعه منهم غير مردود إليهم إن أيسروا ، وما أكروا من أرضهم فجائز كراؤه إلا أن يكون يضرّ بالجزية التى عليهم ؛ فلعلّ الأرض أن تردّ عليهم إن أضرّت بجزيتهم ، وإن كان فضلا بعد الجزية فإنّا نرى كراءها جائزا لمن تكاراها منهم.
قال يحيى ونحن نقول : الجزية جزيتان ؛ فجزية على رءوس الرجال ، وجزية جملة تكون على أهل القرية ، ويؤخذ بها أهل القرية ، فمن هلك من أهل القرية التى عليهم جزية مسمّاة على القرية ليست على رءوس الرجال ، فإنّا نرى أنّ من هلك من أهل القرية ممن لا ولد له ولا وارث أن أرضه ترجع إلى قريته فى جملة ما عليهم من الجزية ، ومن هلك ممّن جزيته على رءوس الرجال ولم يدع وارثا ؛ فإنّ أرضه للمسلمين.
قال الليث : وقال عمر بن عبد العزيز : الجزية على الرءوس وليست على الأرضين ، يريد أهل الذمّة.
حدثنا عبد الملك بن مسلمة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن عبد الملك بن جنادة ، أن عمر ابن عبد العزيز كتب إلى حيّان بن سريج أن يجعل جزية موتى القبط على أحيائهم.
قال عبد الرحمن (١) : وحديث عبد الملك هذا يدلّ على أن عمر بن عبد العزيز كان يرى أن أرض مصر فتحت عنوة ، وأن الجزية إنما هى على (٢) القرى ، فمن مات من أهل القرى كانت تلك الجزية ثابتة عليهم ، وأنّ موت من مات منهم لا يضع عنهم من الجزية شيئا.
قال : ويحتمل أن تكون مصر فتحت بصلح فذلك الصلح ثابت على من بقى منهم ، وأن موت من مات منهم لا يضع عنهم مما (٣) صالحوا عليه شيئا. والله أعلم.
حدثنا عبد الملك بن مسلمة ، حدثنا ابن وهب ، عن محمد بن عمرو ، عن ابن جريج أنّ رجلا أسلم على عهد عمر بن الخطّاب فقال : ضعوا الجزية عن أرضى ، فقال عمر : لا ، إنّ أرضك فتحت عنوة.
قال عبد الملك : وقال مالك بن أنس : ما باع أهل الصلح من أرضهم فهو جائز
__________________
(١) عبد الرحمن : زيدت من ك.
(٢) ج : «على أهل القرى».
(٣) ك : «ما».